الأَْمْرُ الرَّابِعُ: مُخَالَفَةُ الْوَكِيل اشْتِرَاطَ الْخِيَارِ فِي الْعَقْدِ:
١١١ - قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا أَمَرَ الْمُوَكِّل وَكِيلَهُ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا وَيَشْتَرِطُ الْخِيَارَ لِلآْمِرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فَبَاعَهُ بِغَيْرِ خِيَارٍ، أَوْ بِخِيَارٍ دُونَ الثَّلاَثَةِ فَدَفَعَهُ فَبَيْعُهُ بَاطِلٌ وَهُوَ لَهُ ضَامِنٌ، لأَِنَّهُ أَتَى بِعَقْدٍ هُوَ أَضَرُّ عَلَى الآْمِرِ فَإِنَّهُ أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ الرَّأْيُ فِي هَذِهِ الثَّلاَثَةِ إِلَى الْمُوَكِّل بَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ أَوْ يُمْضِيَهُ، وَقَدْ أَتَى بِعَقْدٍ لاَ يَثْبُتُ فِيهِ هَذَا الْقَدْرُ مِنَ الرَّأْيِ لِلآْمِرِ، فَكَانَ مُخَالِفًا كَالْغَاصِبِ.
وَلَوْ قَال: بِعْهُ وَاشْتَرِطِ الْخِيَارَ لِي شَهْرًا فَبَاعَهُ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لَهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ جَازَ فِي قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ اسْتِحْسَانًا، وَلَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِهِمَا، لأَِنَّ مِنْ أَصْلِهِمَا أَنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ فِي مُدَّةِ الشَّهْرِ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ مَعَهُ، فَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِعَقْدٍ يَكُونُ فِيهِ الرَّأْيُ إِلَى الآْمِرِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَهُوَ لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ فَكَانَ ضَامِنًا، وَإِنَّ مِنْ أَصْل أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ لاَ يَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، فَإِنَّمَا هَذَا وَكِيلٌ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ عِنْدَهُ، وَالْوَكِيل بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ إِذَا بَاعَ بَيْعًا جَائِزًا نَفَذَ عَلَى الآْمِرِ اسْتِحْسَانًا. فَهَذَا مِثْلُهُ. (١)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ قَال الْمُوَكِّل لِوَكِيلِهِ فِي الْبَيْعِ: بِعْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَبَاعَ مُطْلَقًا لَمْ يَصِحَّ
(١) المبسوط ١٩ / ٥٥ ـ ٥٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute