للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَالَةُ الأُْولَى: خَلْطُ الْوَدِيعَةِ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا:

٤٣ - إِذَا خَلَطَ الْوَدِيعُ الْوَدِيعَةَ بِمَالِهِ بِإِذْنِ مَالِكِهَا، فَقَدْ نَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ لاَ ضَمَانَ عَلَى الْوَدِيعِ بِذَلِكَ، لأَِنَّهُ فَعَل مَا فَوَّضَهُ الْمَالِكُ بِفِعْلِهِ، فَكَانَ نَائِبًا عَنْهُ فِيهِ (١) .

وَاخْتَلَفَ النَّقْل عَنِ الْحَنَفِيَّةِ فِي ذَلِكَ، فَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ الْوَدِيعَ يَكُونُ شَرِيكًا لِلْمُودِعِ، وَفِي بَعْضِهَا ذَكَرَ أَنَّ لَهُمْ ثَلاَثَةَ أَقْوَالٍ:

الأَْوَّل لأَِبِي حَنِيفَةَ: وَهُوَ أَنْ يَنْقَطِعَ حَقُّ الْمَالِكِ عَنِ الْوَدِيعَةِ بِكُل حَالٍ مَائِعًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَائِعٍ، وَيَصِيرَ الْمَخْلُوطُ مِلْكَ الْخَالِطِ وَيَضْمَنَ الْخَالِطُ لِلْمُودِعِ حَقَّهُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فِي مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ.

الثَّانِي لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيِّ، وَهُوَ أَنَّ الْوَدِيعَ يَصِيرُ شَرِيكًا لِمَالِكِ الْوَدِيعَةِ شَرِكَةَ مِلْكٍ اخْتِيَارِيَّةً، فَإِذَا هَلَكَتْ أَوْ ضَاعَتْ بِلاَ تَعَدٍّ وَلاَ تَفْرِيطٍ مِنْهُ، فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ. وَوَافَقَهُ أَبُو يُوسُفَ فِي غَيْرِ الْمَائِعِ.

وَالثَّالِثُ لأَِبِي يُوسُفَ، وَهُوَ أَنَّهُ يَجْعَل الأَْقَل تَابِعًا لِلأَْكْثَرِ، اعْتِبَارًا لِلْغَالِبِ، يَعْنِي أَنَّ مَنْ كَانَ مَالُهُ أَكْثَرَ يَكُونُ الْمَخْلُوطُ مِلْكَهُ، وَيَضْمَنُ


(١) الْمُغْنِي لاِبْن قُدَامَةَ ٩ / ٢٥٩.