١٧ - أَمَّا غَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ فَلَمْ يُقَسِّمُوا الإِْكْرَاهَ إِلَى مُلْجِئٍ وَغَيْرِ مُلْجِئٍ كَمَا فَعَل الْحَنَفِيَّةُ، وَلَكِنَّهُمْ تَكَلَّمُوا عَمَّا يَتَحَقَّقُ بِهِ الإِْكْرَاهُ وَمَا لاَ يَتَحَقَّقُ، وَمِمَّا قَرَّرُوهُ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ يُؤْخَذُ أَنَّهُمْ جَمِيعًا يَقُولُونَ بِمَا سَمَّاهُ الْحَنَفِيَّةُ إِكْرَاهًا مُلْجِئًا، أَمَّا مَا يُسَمَّى بِالإِْكْرَاهِ غَيْرِ الْمُلْجِئِ فَإِنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِيهِ، فَعَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يُعْتَبَرُ إِكْرَاهًا، وَعَلَى الرِّوَايَةِ الأُْخْرَى لاَ يُعْتَبَرُ إِكْرَاهًا.
أَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فَإِنَّهُ لاَ يُعْتَبَرُ إِكْرَاهًا بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ، وَيُعْتَبَرُ إِكْرَاهًا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَعْضِ الآْخَرِ، فَمِنَ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ الَّذِي لاَ يُعْتَبَرُ الإِْكْرَاهُ غَيْرُ الْمُلْجِئِ إِكْرَاهًا فِيهِ: الْكُفْرُ بِالْقَوْل أَوِ الْفِعْل، وَالْمَعْصِيَةُ الَّتِي تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ، كَالْقَتْل أَوِ الْقَطْعِ، وَالزِّنَا بِامْرَأَةٍ مُكْرَهَةٍ أَوْ لَهَا زَوْجٌ، وَسَبِّ نَبِيٍّ أَوْ مَلَكٍ أَوْ صَحَابِيٍّ، أَوْ قَذْفٍ لِمُسْلِمٍ.
وَمِنَ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ الَّذِي يُعْتَبَرُ الإِْكْرَاهُ غَيْرُ الْمُلْجِئِ إِكْرَاهًا فِيهِ: شُرْبُ الْخَمْرِ، وَأَكْل الْمَيْتَةِ، وَالطَّلاَقُ وَالأَْيْمَانُ وَالْبَيْعُ وَسَائِرُ الْعُقُودِ وَالْحُلُول وَالآْثَارِ (١) .
أَثَرُ الإِْكْرَاهِ:
١٨ - هَذَا الأَْثَرُ مَوْضِعُ خِلاَفٍ، بَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ، عَلَى النَّحْوِ الآْتِي:
أَثَرُ الإِْكْرَاهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ:
١٩ - يَخْتَلِفُ أَثَرُ الإِْكْرَاهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بِاخْتِلاَفِ الْقَوْل أَوِ الْفِعْل الَّذِي يَقَعُ الإِْكْرَاهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُكْرَهُ عَلَيْهِ مِنَ الإِْقْرَارَاتِ، كَانَ أَثَرُ الإِْكْرَاهِ إِبْطَال الإِْقْرَارِ وَإِلْغَاءَهُ، سَوَاءٌ كَانَ الإِْكْرَاهُ مُلْجِئًا أَمْ غَيْرَ
(١) جواهر الإكليل ٢ / ٢٨١، وبلغة السالك ١ / ٤٥٢، والخرشي ٣ / ١٧٥، ١٧٦، وتحفة المحتاج ٧ / ٣٦٩، الأشباه للسيوطي ص٢٠٩، ومغني المحتاج ٣ / ٢٩٠، والفروع ٣ / ٣٨٤، ٤٧٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute