للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِاخْتِلاَفِ الْمَادَّةِ الْمُرَادُ غَلْيُهَا، فَهُوَ غَيْرُ الإِْحْرَاقِ.

صِفَتُهُ (حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ) :

٣ - يَخْتَلِفُ حُكْمُ الإِْحْرَاقِ بِاخْتِلاَفِ مَا يُرَادُ إِحْرَاقُهُ، فَتَعْتَرِيهِ الأَْحْكَامُ التَّكْلِيفِيَّةُ الْخَمْسَةُ.

أَثَرُ الإِْحْرَاقِ مِنْ حَيْثُ التَّطْهِيرُ:

٤ - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الإِْحْرَاقَ إِذَا تَبَدَّلَتْ بِهِ الْعَيْنُ النَّجِسَةُ بِتَبَدُّل أَوْصَافِهَا أَوِ انْقِلاَبِ حَقِيقَتِهَا حَتَّى صَارَتْ شَيْئًا آخَرَ، وَذَلِكَ كَالْمَيْتَةِ إِذَا احْتَرَقَتْ فَصَارَتْ رَمَادًا أَوْ دُخَانًا، فَإِنَّ مَا يَتَخَلَّفُ مِنَ الإِْحْرَاقِ يَكُونُ طَاهِرًا، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إِذَا كَانَتِ الْعَيْنُ طَاهِرَةً فِي الأَْصْل وَتَنَجَّسَتْ، كَالثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ.

وَدَلِيلُهُمْ قِيَاسُ ذَلِكَ عَلَى الْخَمْرِ إِذَا تَخَلَّلَتْ وَالإِْهَابِ إِذَا دُبِغَ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي غَيْرِ الْمُعْتَمَدِ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الْحَنْبَلِيِّ، إِلَى أَنَّ الإِْحْرَاقَ لاَ يَجْعَل مَا يَتَخَلَّفُ مِنْهُ شَيْئًا آخَرَ، فَيَبْقَى عَلَى نَجَاسَتِهِ. وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْعَيْنُ النَّجِسَةُ، أَوِ الْمُتَنَجِّسَةُ، لِقِيَامِ النَّجَاسَةِ؛ لأَِنَّ الْمُتَخَلِّفَ مِنَ الإِْحْرَاقِ جُزْءٌ مِنَ الْعَيْنِ النَّجِسَةِ.

وَفَصَّل بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ فَقَالُوا: إِنْ أَكَلَتِ النَّارُ النَّجَاسَةَ أَكْلاً قَوِيًّا فَرَمَادُهَا طَاهِرٌ، وَإِلاَّ فَنَجِسٌ (١) .


(١) فتح القدير ١ / ١٣٩، وحاشية الدسوقي ١ / ٥٧، ٥٨، والمغني ١ / ٦٠، والبدائع ١ / ٨٥، ونهاية المحتاج ١ / ٢٣٠، وروضة الطالبين ١ / ٢٩، ٣٠، وابن عابدين ١ / ٣٣٢