للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَكْفُول عَنْهُ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى الْوَفَاءِ بِالْمَكْفُول بِهِ إِمَّا بِنَفْسِهِ وَإِمَّا بِنَائِبِهِ، فَلاَ يَصِحُّ عِنْدَهُ ضَمَانُ مَيِّتٍ مَدِينٍ تُوُفِّيَ لاَ عَنْ تَرِكَةٍ وَلاَ عَنْ كَفِيلٍ بِالدَّيْنِ؛ لأَِنَّ الْمَيِّتَ فِي هَذِهِ الْحَال عَاجِزٌ عَنِ الْوَفَاءِ، غَيْرُ أَهْلٍ لِلْمُطَالَبَةِ، وَالضَّمَانُ: ضَمُّ ذِمَّةٍ إِلَى ذِمَّةٍ فِي الدَّيْنِ أَوْ فِي الْمُطَالَبَةِ، وَلاَ دَيْنَ هُنَا وَلاَ مُطَالَبَةَ لأَِنَّهُ بِالْوَفَاةِ عَنْ غَيْرِ مَالٍ وَلاَ كَفِيلٍ تَصِيرُ ذِمَّتُهُ خَرِبَةً وَغَيْرَ صَالِحَةٍ لأََنْ تُشْغَل بِدَيْنٍ، وَعِنْدَهُ أَنَّ الْحَدِيثَ الْمُتَقَدِّمَ يُحْمَل عَلَى الإِْقْرَارِ بِكَفَالَةٍ سَابِقَةٍ لاَ عَلَى إِنْشَائِهَا، أَوْ أَنَّهُ وَعْدٌ بِالتَّبَرُّعِ وَهُوَ جَائِزٌ عَنِ الْمَيِّتِ (١) .

الرُّكْنُ الْخَامِسُ: مَحَل الْكَفَالَةِ:

قَدْ تَكُونُ الْكَفَالَةُ بِالْمَال، وَيُطْلِقُ عَلَيْهَا كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ: الضَّمَانَ، وَقَدْ تَكُونُ بِالنَّفْسِ، وَيُطْلِقُ عَلَيْهَا الْبَعْضُ: كَفَالَةَ الْبَدَنِ، وَكَفَالَةَ الْوَجْهِ.

أَوَّلاً - كَفَالَةُ الْمَال:

قَدْ يَكُونُ الْمَكْفُول بِهِ دَيْنًا، وَقَدْ يَكُونُ عَيْنًا، وَالْحُكْمُ يَتَغَيَّرُ فِي كُل حَالَةٍ:


(١) بدائع الصنائع ٦ / ٦، والفتاوى الهندية ٣ / ٢٥٣، وفتح القدير ٦ / ٣١٧ - ٣١٨، والدسوقي والدردير ٣ / ٣٣١، والمغني ٥ / ٧٣ - ٧٤.