أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ: فَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَسْلَمَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ كَانَتْ مُسْلِمَةً أَسِيرَةً - كَانَ لَهَا أَنْ تُهَاجِرَ إِلَى دَارِ الإِْسْلاَمِ بِدُونِ مَحْرَمٍ؛ لأَِنَّهَا لاَ تَقْصِدُ سَفَرًا، وَإِنَّمَا تَطْلُبُ الْخَلاَصَ حَتَّى لَوْ وَصَلَتْ إِلَى جَيْشِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَهُمْ مَنَعَةٌ لاَ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ عِنْدِهِمْ وَتُسَافِرَ (١) .
عِدَّةُ الْمُهَاجِرِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إِلَى دَارِ الإِْسْلاَمِ.
١٢ - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ: تُنْكَحُ الْمُهَاجِرَةُ الْحَائِل بِلاَ عِدَّةٍ، فَيَجُوزُ تَزَوُّجُ مَنْ هَاجَرَتْ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إِلَى دَارِ الإِْسْلاَمِ مُسْلِمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً وَلاَ عِدَّةَ عَلَيْهَا. أَمَّا الْحَامِل فَلاَ يَجُوزُ تَزَوُّجُهَا حَتَّى تَضَعَ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ لأَِنَّهَا حُرَّةٌ فَارَقَتْ زَوْجَهَا بَعْدَ الإِْصَابَةِ، وَفُرْقَتُهَا وَقَعَتْ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ، فَتَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ كَالْمُطَلَّقَةِ فِي دَارِنَا، وَهَذَا لأَِنَّ الْعِدَّةَ حَقُّ الشَّرْعِ، كَيْلاَ يَجْتَمِعَ مَاءُ رَجُلَيْنِ فِي رَحِمِهَا وَذَلِكَ مُحْتَرَمٌ حَتَّى يَثْبُتَ نَسَبُهُ إِلَى سَنَتَيْنِ، بِخِلاَفِ الْمُطَلَّقَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَهِيَ حَرْبِيَّةٌ ثُمَّ خَرَجَتْ إِلَيْنَا حَيْثُ لاَ تَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ؛ لأَِنَّ الطَّلاَقَ وَقَعَ غَيْرَ مُوجِبٍ لِلْعِدَّةِ لِكَوْنِهَا غَيْرَ مُخَاطَبَةٍ، فَلاَ
(١) تَبْيِين الْحَقَائِقِ ٣ / ١٧٤، والبحر الرَّائِق ٢ / ٣٣٨
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute