ثَانِيًا: تَقْيِيدُ الإِْسْقَاطِ بِالشَّرْطِ:
٢٧ - يَصِحُّ فِي الْجُمْلَةِ تَقْيِيدُ الإِْسْقَاطَاتِ بِالشُّرُوطِ، فَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ صَحِيحًا لَزِمَ، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ فَاسِدًا فَلِكُل مَذْهَبٍ تَفْصِيلٌ فِي الْحُكْمِ عَلَى مَا يُعْتَبَرُ فَاسِدًا مِنَ الشُّرُوطِ وَمَا لاَ يُعْتَبَرُ، وَهَل يَبْطُل التَّصَرُّفُ بِفَسَادِ الشَّرْطِ، أَوْ يَبْطُل الشَّرْطُ وَيَصِحُّ التَّصَرُّفُ. وَنَتْرُكُ التَّفَاصِيل لِمَوَاضِعِهَا.
لَكِنَّ الْحُكْمَ الْغَالِبَ فِي الإِْسْقَاطَاتِ أَنَّهَا لَوْ قُيِّدَتْ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، صَحَّ وَبَطَل الشَّرْطُ.
وَيَتَبَيَّنُ هَذَا مِمَّا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الضَّوَابِطِ، وَمِنَ الْفُرُوعِ الَّتِي أَوْرَدَهَا غَيْرُهُمْ، وَفِيمَا يَلِي بَيَانُ ذَلِكَ.
قَال الْحَنَفِيَّةُ: كُل مَا جَازَ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ يَجُوزُ تَقْيِيدُهُ بِالشَّرْطِ، وَلاَ يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ، الْفَاسِدِ.
وَقَالُوا أَيْضًا: مَا لَيْسَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ لاَ يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ. وَذَكَرَ صَاحِبُ الدُّرِّ وَابْنُ عَابِدِينَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَصِحُّ وَلاَ تَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَمِنْهَا: الطَّلاَقُ وَالْخُلْعُ وَالْعِتْقُ وَالإِْيصَاءُ وَالشَّرِكَةُ وَالْمُضَارَبَةُ وَالْكَفَالَةُ وَالْحَوَالَةُ وَالْوَكَالَةُ وَالْكِتَابَةُ وَالإِْذْنُ فِي التِّجَارَةِ وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالإِْبْرَاءُ عَنْهُ. (١)
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فَلَمْ يَرْبِطُوا بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالتَّقْيِيدِ، فَقَدْ ذَكَرَ الْقَرَافِيُّ فِي الْفُرُوقِ أَنَّ مَا يَقْبَل الشَّرْطَ وَالتَّعْلِيقَ: الطَّلاَقُ وَالْعِتْقُ، وَلاَ يَلْزَمُ مِنْ قَبُول التَّعْلِيقِ قَبُول الشَّرْطِ، وَلاَ مِنْ قَبُول الشَّرْطِ قَبُول التَّعْلِيقِ، وَتُطْلَبُ الْمُنَاسَبَةُ فِي كُل بَابٍ مِنْ
(١) الدر وحاشية ابن عابدين ٤ / ٢٢٥، ٢٢٧، ٢٢٨، ٢٣٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute