ب - كَفَالَةُ النَّفْسِ:
٣٨ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا وُجُوبُ التَّخْلِيَةِ بَيْنَ الطَّالِبِ وَالْمَكْفُول فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ الطَّالِبُ فِيهِ عَلَى إِحْضَارِهِ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ، إِذْ يَحْصُل بِذَلِكَ مَقْصُودُ الْعَقْدِ، وَهُوَ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ أَمَامَ الْقَاضِي، فَإِذَا قَامَ بِذَلِكَ انْتَهَتِ الْكَفَالَةُ، وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ: لَوْ سَلَّمَ الْكَفِيل الْمَطْلُوبَ فِي صَحْرَاءَ، فَلاَ يَكُونُ قَدْ أَوْفَى بِالْتِزَامِهِ، وَلَكِنْ لَوْ سَلَّمَهُ فِي مِصْرٍ، فَإِنَّهُ يَخْرُجُ بِهَذَا التَّسْلِيمِ مِنَ الْكَفَالَةِ، حَتَّى لَوْ قُيِّدَتْ بِالتَّسْلِيمِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي، إِذِ الْغَرَضُ مِنَ الْكَفَالَةِ تَسْلِيمُ الْمَطْلُوبِ فِي مَكَانٍ يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ إِحْضَارِهِ مَجْلِسَ الْقَاضِي، فَلاَ يَتَقَيَّدُ بِمَكَانٍ خِلاَفَ مَجْلِسِهِ؛ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ مِنَ التَّقْيِيدِ.
وَلَوْ شَرَطَ فِي الْكَفَالَةِ أَنْ يُسَلِّمَهُ فِي مِصْرٍ مُعَيَّنٍ، فَسَلَّمَهُ فِي مِصْرٍ آخَرَ، خَرَجَ مِنَ الْكَفَالَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْوُصُول إِلَى الْحَقِّ أَمَامَ قَاضٍ مُخْتَصٍّ، فَلاَ يَتَقَيَّدُ بِقَاضٍ دُونَ آخَرَ، وَذَهَبَ الصَّاحِبَانِ إِلَى أَنَّ الْكَفِيل لاَ يَخْرُجُ بِذَلِكَ التَّسْلِيمِ مِنَ الْكَفَالَةِ؛ لأَِنَّ الطَّالِبَ وَضَعَ شَرْطًا مُعْتَبَرًا وَهُوَ يَقْصِدُ الإِْلْزَامَ بِهِ، فَقَدْ تَكُونُ حُجَّتُهُ وَبَيِّنَتُهُ فِي هَذَا الْمِصْرِ دُونَ غَيْرِهِ.
وَلَوْ تَعَدَّدَ الْكُفَلاَءُ بِالنَّفْسِ فَأَحْضَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute