الْمَبْحَثُ الأَْوَّل
إِجَارَةُ الأَْرَاضِي
٨٠ - إِجَارَةُ الأَْرَاضِي مُطْلَقًا لِذَاتِهَا جَائِزَةٌ. وَقَيَّدَ الشَّافِعِيَّةُ جَوَازَ اسْتِئْجَارِ الأَْرْضِ بِبَيَانِ الْغَرَضِ مِنِ اسْتِئْجَارِهَا، وَذَلِكَ لِتَفَاوُتِ الأَْغْرَاضِ وَاخْتِلاَفِ أَثَرِهَا. فَإِذَا كَانَتْ مَعَ غَيْرِهَا مِنْ مَاءٍ أَوْ مَرْعَى أَوْ زَرْعٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَسَيَأْتِي حُكْمُهَا:
أ - إِجَارَةُ الأَْرْضِ مَعَ الْمَاءِ أَوْ الْمَرْعَى:
٨١ - يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ اتِّفَاقًا، لَكِنَّ الْحَنَفِيَّةَ لاَ يُجِيزُونَ إِجَارَةَ الآْجَامِ وَالأَْنْهَارِ لِلسَّمَكِ، وَلاَ الْمَرْعَى لِلْكَلأَِ، قَصْدًا، وَإِنَّمَا يُؤَجِّرُ لَهُ الأَْرْضَ فَقَطْ، ثُمَّ يُبِيحُ الْمَالِكُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الاِنْتِفَاعَ بِالْكَلأَِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الاِنْتِفَاعَ بِالْكَلأَِ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِاسْتِهْلاَكِ عَيْنِهِ. أَمَّا عِنْدَ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ فَيَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَى الأَْرْضِ وَالْكَلأَِ مَعًا، وَيَدْخُل الْكَلأَُ تَبَعًا.
وَبَيْنَ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ اخْتِلاَفٌ فِي اسْتِئْجَارِ طَرِيقٍ خَاصٍّ يَمُرُّ فِيهِ، أَوْ يَمُرُّ النَّاسُ فِيهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ وَلاَ يَجُوزُ عِنْدَ الإِْمَامِ (١) .
ب - إِجَارَةُ الأَْرَاضِي الزِّرَاعِيَّةِ:
٨٢ - فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ يُجِيزُونَ إِجَارَةَ الأَْرْضِ لِلزِّرَاعَةِ، وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى وُجُوبِ تَعْيِينِ الأَْرْضِ وَبَيَانِ قَدْرِهَا، فَلاَ تَجُوزُ إِجَارَةُ الأَْرَاضِي إِلاَّ عَيْنًا، لاَ مَوْصُوفَةً فِي الذِّمَّةِ. بَل اشْتَرَطَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ لِمَعْرِفَةِ الأَْرْضِ رُؤْيَتَهَا؛ لأَِنَّ الْمَنْفَعَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ
(١) الفتاوى الهندية ٤ / ٤٤١، والشرح الصغير ٤ / ٢٠، ٢١، ٢٩٥ وحاشية الدسوقي ٤ / ١٦، وكشاف القناع ٤ / ١١، والمهذب ١ / ٣٩٦
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute