الْجِزْيَةِ عَمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ. وَعَلَّلَهُ الأَْخَوَانِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ بِأَنَّهُ قَدْ يَتَّخِذُهُ وَسِيلَةً لِلتَّهَرُّبِ مِنْ أَدَاءِ الْجِزْيَةِ، فَلاَ تَسْقُطُ الْجِزْيَةُ بِهِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ التَّرَهُّبَ الطَّارِئَ لاَ يُسْقِطُ الْجِزْيَةَ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْحَوْل، وَتُصْبِحُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ. أَمَّا إِذَا تَرَهَّبَ أَثْنَاءَ الْحَوْل فَتَسْقُطُ عَنْهُ الْجِزْيَةُ؛ لأَِنَّهَا لاَ تَجِبُ وَلاَ تُؤْخَذُ قَبْل كَمَال الْحَوْل.
وَقَالُوا: الْمُرَادُ بِالرَّاهِبِ الَّذِي تَسْقُطُ عَنْهُ الْجِزْيَةُ، هُوَ مَنْ لاَ يَبْقَى بِيَدِهِ مَالٌ إِلاَّ بُلْغَتَهُ فَقَطْ وَيُؤْخَذُ مِمَّا بِيَدِهِ زَائِدًا عَلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا الرُّهْبَانُ الَّذِينَ يُخَالِطُونَ النَّاسَ وَيَتَّخِذُونَ الْمَتَاجِرَ وَالْمَزَارِعَ فَحُكْمُهُمْ كَسَائِرِ النَّصَارَى تُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ اتِّفَاقًا (١) .
السَّادِسُ: الْجُنُونُ:
٧٦ - إِذَا أُصِيبَ الذِّمِّيُّ - بَعْدَ الاِلْتِزَامِ بِالْجِزْيَةِ - بِالْجُنُونِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ إِلَى سُقُوطِهَا بِالْجُنُونِ الطَّارِئِ إِذَا اسْتَمَرَّ أَكْثَرَ الْعَامِ، لأَِنَّهُ يَمْنَعُ وُجُوبَ الْجِزْيَةِ ابْتِدَاءً - كَمَا بَيَّنَّا فِي شُرُوطِ وُجُوبِ الْجِزْيَةِ -
(١) تبيين الحقائق ٣ / ٢٧٨، والاختيار ٣ / ١٤٢، وحاشية الدسوقي ٢ / ٢٠٢، وحاشية الخرشي ٣ / ١٤٤، ومنح الجليل ١ / ٧٥٩، والجامع لأحكام القرآن ٨ / ١١٢، وروضة الطالبين ١٠ / ٣٠٧، ومغني المحتاج ٤ / ٣٤٦، وكشاف القناع ٣ / ١٢٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute