الْعُلَمَاءِ فِي وُجُوبِ رَدِّ التَّسْعِيرِ فِي حَالَةِ إِلْزَامِ النَّاسِ أَنْ لاَ يَبِيعَ الطَّعَامَ أَوْ غَيْرَهُ إِلاَّ أُنَاسٌ مَعْرُوفُونَ، فَهُنَا يَجِبُ التَّسْعِيرُ عَلَيْهِمْ بِحَيْثُ لاَ يَبِيعُونَ إِلاَّ بِقِيمَةِ الْمِثْل، وَلاَ يَشْتَرُونَ إِلاَّ بِقِيمَةِ الْمِثْل. لأَِنَّهُ إِذَا كَانَ قَدْ مَنَعَ غَيْرَهُمْ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ النَّوْعَ أَوْ يَشْتَرِيَهُ، فَلَوْ سَوَّغَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوا بِمَا اخْتَارُوا، أَوْ يَشْتَرُوا بِمَا اخْتَارُوا لَكَانَ ذَلِكَ ظُلْمًا لِلْبَائِعِينَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ بَيْعَ تِلْكَ الأَْمْوَال، وَظُلْمًا لِلْمُشْتَرِينَ مِنْهُمْ.
فَالتَّسْعِيرُ فِي مِثْل هَذِهِ الْحَالَةِ وَاجِبٌ بِلاَ نِزَاعٍ، وَحَقِيقَةُ إِلْزَامِهِمْ أَنْ لاَ يَبِيعُوا أَوْ لاَ يَشْتَرُوا إِلاَّ بِثَمَنِ الْمِثْل (١) .
هـ - تَوَاطُؤُ الْبَائِعِينَ ضِدَّ الْمُشْتَرِينَ أَوِ الْعَكْسِ:
١٣ - إِذَا تَوَاطَأَ التُّجَّارُ أَوْ أَرْبَابُ السِّلَعِ عَلَى سِعْرٍ يُحَقِّقُ لَهُمْ رِبْحًا فَاحِشًا، أَوْ تَوَاطَأَ مُشْتَرُونَ عَلَى أَنْ يَشْتَرِكُوا فِيمَا يَشْتَرِيهِ أَحَدُهُمْ حَتَّى يَهْضِمُوا سِلَعَ النَّاسِ يَجِبُ التَّسْعِيرُ، وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، وَأَضَافَ قَائِلاً:
وَلِهَذَا مَنَعَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ - كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ - الْقُسَّامَ الَّذِينَ يَقْسِمُونَ بِالأَْجْرِ أَنْ يَشْتَرِكُوا، فَإِنَّهُمْ إِذَا اشْتَرَكُوا، وَالنَّاسُ مُحْتَاجُونَ إِلَيْهِمْ أَغَلَوْا عَلَيْهِمُ الأَْجْرَ، فَمَنْعُ الْبَائِعِينَ - الَّذِينَ تَوَاطَئُوا عَلَى أَنْ لاَ يَبِيعُوا إِلاَّ بِثَمَنٍ
(١) الحسبة في الإسلام ص ١٨، ١٩، والطرق الحكمية ص ٢٤٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute