وَاخْتَلَفُوا فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ (الْحِرَابَةِ) وَالسَّرِقَةِ وَالْقَتْل، وَبَيَانُهُ فِيمَا يَلِي:
أ - الرِّدْءُ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ (الْحِرَابَةِ) :
٥ - يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) أَنَّ الرِّدْءَ أَيِ الْمُعِينَ لِقُطَّاعِ الطَّرِيقِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُبَاشِرِ، فَإِنْ بَاشَرَ أَحَدُهُمْ أُجْرِيَ الْحَدُّ عَلَيْهِمْ بِأَجْمَعِهِمْ، فَإِذَا قَتَل أَحَدُهُمْ يُقْتَل هُوَ وَالآْخَرُونَ؛ لأَِنَّهُ جَزَاءُ الْمُحَارَبَةِ، وَهِيَ تَتَحَقَّقُ بِأَنْ يَكُونَ الْبَعْضُ رِدْءًا لِلْبَعْضِ؛ وَلأَِنَّ الْمُحَارَبَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى حُصُول الْمَنَعَةِ وَالْمُعَاضَدَةِ وَالْمُنَاصَرَةِ، وَمِنْ عَادَةِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ الْمُبَاشَرَةُ مِنَ الْبَعْضِ وَالإِْعَانَةُ مِنَ الْبَعْضِ الآْخَرِ، وَلاَ يَتَمَكَّنُ الْمُبَاشِرُ مِنْ فِعْلِهِ إِلاَّ بِقُوَّةِ الرِّدْءِ، فَلَوْ لَمْ يَلْحَقِ الرِّدْءُ بِالْمُبَاشِرِ لأََدَّى ذَلِكَ إِلَى انْفِتَاحِ بَابِ قَطْعِ الطَّرِيقِ، فَيَسْتَوِي فِيهِ الْمُبَاشِرُ وَالرِّدْءُ كَالْغَنِيمَةِ، وَنَصَّ الدُّسُوقِيُّ عَلَى أَنَّ الرِّدْءَ يَشْمَل مَنْ يَتَقَوَّى الْمُحَارِبُونَ بِجَاهِهِ، إِذْ لَوْلاَ جَاهُهُ مَا تَجَرَّأَ الْقَاتِل عَلَى الْقَتْل، فَجَاهُهُ إِعَانَةٌ عَلَى الْقَتْل حُكْمًا (١) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى مَنْ أَعَانَ قُطَّاعَ الطَّرِيقِ أَوْ كَثَّرَ جَمْعَهُمْ بِالْحُضُورِ، أَوْ كَانَ
(١) فتح القدير مع الهداية ٥ / ١٨١، وبدائع الصنائع ٧ / ٩١، والزرقاني ٨ / ١١، وحاشية الدسوقي ٤ / ٣٥٠، المواق بهامش الحطاب ٦ / ٣١٦، والمغني ٨ / ٢٩٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute