وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّ الْجُنُونَ الطَّارِئَ إِنْ كَانَ يَسِيرًا كَسَاعَةٍ مِنْ شَهْرٍ أَوْ يَوْمٍ مِنْ سَنَةٍ فَلاَ تَسْقُطُ. وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا كَيَوْمٍ إِفَاقَةً وَيَوْمٍ جُنُونًا فَإِنَّ الإِْفَاقَةَ تُلَفَّقُ فَإِذَا بَلَغَتْ سَنَةً وَجَبَتِ الْجِزْيَةُ.
أَمَّا الْجِزْيَةُ الْمُسْتَقِرَّةُ فِي الذِّمَّةِ فَلاَ تَسْقُطُ بِالْجُنُونِ طِبْقًا لِمَذْهَبِهِمْ فِي عَدَمِ تَدَاخُل الْجِزْيَةِ كَمَا سَبَقَ فِي (ف ٧٣) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْجُنُونَ الطَّارِئَ لاَ يُسْقِطُ الْجِزْيَةَ إِذَا كَانَ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْحَوْل. أَمَّا إِذَا طَرَأَ الْجُنُونُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْل فَتَسْقُطُ الْجِزْيَةُ؛ لأَِنَّهَا لاَ تَجِبُ وَلاَ تُؤْخَذُ قَبْل كَمَال الْحَوْل. (١)
وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ الرَّابِعُ عِنْدَهُمْ أَنَّهَا تَسْقُطُ وَلاَ تَجِبُ.
السَّابِعُ: الْعَمَى وَالزَّمَانَةُ وَالشَّيْخُوخَةُ:
٧٧ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ تَبَعًا لاِخْتِلاَفِهِمْ فِي اشْتِرَاطِ السَّلاَمَةِ مِنَ الْعَاهَاتِ الْمُزْمِنَةِ الَّتِي سَبَقَ الْكَلاَمُ عَنْهَا فِي شُرُوطِ الْجِزْيَةِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ تَسْقُطُ بِهَذِهِ الْعَاهَاتِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مَا أُصِيبَ بِهِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْل أَمْ بَعْدَ انْتِهَائِهِ، وَاشْتَرَطُوا أَنْ تَكُونَ
(١) فتح القدير ٥ / ٢٩٥، وحاشية الخرشي ٣ / ١٤٤، ومنح الجليل ١ / ٧٥٩، وشرح المحلي على المنهاج ٤ / ٢٢٩، وكشاف القناع ٣ / ١٢٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute