(د) اخْتِلاَطُ الْوَدِيعَةِ بِمَال الْوَدِيعِ بِغَيْرِ صُنْعِهِ:
٤٧ - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ لاَ ضَمَانَ عَلَى الْوَدِيعِ إِذَا اخْتَلَطَتِ الْوَدِيعَةُ بِمَالِهِ بِلاَ صُنْعِهِ، لاِنْعِدَامِ الْفِعْل الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ مِنْ جِهَتِهِ، وَلأَِنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ حَقِيقَةً بِغَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ أَوْ تَفْرِيطٍ، فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ، فَاخْتِلاَطُهَا بِغَيْرِهَا أَوْلَى.
بَل إِنَّ الْحَنَفِيَّةَ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ يَصِيرُ بِذَلِكَ شَرِيكًا لِمَالِكِ الْوَدِيعَةِ شَرِكَةَ مِلْكٍ جَبْرِيَّةً، كُلٌّ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِ، لِوُجُودِ مَعْنَى الشَّرِكَةِ، وَهُوَ اخْتِلاَطُ الْمِلْكَيْنِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: وَإِنِ اخْتَلَطَتِ الْوَدِيعَةُ بِغَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنَ الْوَدِيعِ فَلاَ ضَمَانَ فَإِنْ ضَاعَ الْبَعْضُ جَعَل مِنْ مَال الْوَدِيعِ فِي ظَاهِرِ كَلاَمِ أَحْمَدَ.
وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُمَا يَصِيرَانِ شَرِيكَيْنِ، قَال الْمَجْدُ: وَلاَ يَبْعُدُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ الْهَالِكُ مِنْهُمَا (١) .
(١) كَشَّاف الْقِنَاع ٤ / ١٩٦، وَالْمُغْنِي ٩ / ٢٥٩، وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة ٤ / ٣٤٩، وَالْبَحْر الرَّائِق ٧ / ٢٧٦، قُرَّة عُيُون الأَْخْيَار ٢ / ٢٤٩، وَالْبَدَائِع ٦ / ٢١٣، وَرَدّ الْمُحْتَارِ ٤ / ٤٩٨، وَمَجْمَع الأَْنْهُر ٢ / ٣٤١، وَالْمَبْسُوط ١١ / ١١٠، وَدُرَر الْحُكَّام ٢ / ٢٦٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute