فَرْضُ الْوُضُوءِ، وَجَازَ الاِقْتِصَارُ عَلَى التَّيَمُّمِ دَفْعًا لِذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ نُقْصَانِ الْمَال، فَكَيْفَ لاَ يَجُوزُ هَاهُنَا.
١٦ - (الْحُكْمُ السَّادِسُ) : قَال مُجَاهِدٌ: هَذَا الْحُكْمُ كَانَ ثَابِتًا فِي أَوَّل الإِْسْلاَمِ لأَِجْل ضَعْفِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَمَّا بَعْدَ قُوَّةِ دَوْلَةِ الإِْسْلاَمِ فَلاَ، وَرَوَى عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّهُ قَال التَّقِيَّةُ جَائِزَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَهَذَا الْقَوْل أَوْلَى، لأَِنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنِ النَّفْسِ وَاجِبٌ بِقَدْرِ الإِْمْكَانِ (١) .
شُرُوطُ جَوَازِ التَّقِيَّةِ:
١٧ - أ - يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ التَّقِيَّةِ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ خَوْفٌ مِنْ مَكْرُوهٍ، عَلَى مَا يُذْكَرُ تَفْصِيلُهُ بَعْدُ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ خَوْفٌ وَلاَ خَطَرٌ لَمْ يَجُزِ ارْتِكَابُ الْمُحَرَّمِ تَقِيَّةً، وَذَلِكَ كَمَنْ يَفْعَل الْمُحَرَّمَ تَوَدُّدًا إِلَى الْفُسَّاقِ أَوْ حَيَاءً مِنْهُمْ. وَإِنْ قَال خِلاَفَ الْحَقِيقَةِ كَانَ كَاذِبًا آثِمًا، وَكَذَا مَنْ أَثْنَى عَلَى الظَّالِمِينَ أَوْ أَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَصِدْقِهِمْ بِكَذِبِهِمْ وَحُسْنِ طَرِيقَتِهِمْ لِتَحْصِيل الْمَصْلَحَةِ مِنْهُمْ دُونَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ خَطَرٌ مِنْهُمْ لَوْ سَكَتَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ كَاذِبًا آثِمًا مُشَارِكًا لَهُمْ فِي ظُلْمِهِمْ وَفِسْقِهِمْ. وَإِنْ كَانَ فِيمَا
(١) تفسير الرازي (٨ / ١٤ ط البهية المصرية ١٩٣٨م) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute