فَإِنَّهُمْ قِوَامُ أَمْرِهِ، وَرَأْسُ سُلْطَانِهِ، وَكَذَلِكَ قَاضِي الْقُضَاةِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَفَقَّدَ قُضَاتَهُ وَنُوَّابَهُ فَيَتَصَفَّحَ أَقْضِيَتَهُمْ، وَيُرَاعِيَ أُمُورَهُمْ وَسِيرَتَهُمْ فِي النَّاسِ، إِذْ لاَ يَجُوزُ لِلْقَاضِي تَأْخِيرُ الْخُصُومِ إِذَا تَنَازَعُوا إِلَيْهِ إِلاَّ مِنْ عُذْرٍ، وَيَأْثَمُ إِذَا أَخَّرَ الْفَصْل فِي النِّزَاعِ بِدُونِ وَجْهِ حَقٍّ، وَيُعَزَّرُ وَيُعْزَل، وَلاَ يَجُوزُ لِلْقَاضِي تَأْخِيرُ الْحُكْمِ بَعْدَ وُجُودِ شَرَائِطِهِ إِلاَّ فِي ثَلاَثٍ: الرِّيبَةِ، وَلِرَجَاءِ صُلْحِ الأَْقَارِبِ، وَإِذَا اسْتَمْهَل الْمُدَّعِي وَكَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي حَالَةِ تَقْدِيمِ دَفْعٍ صَحِيحٍ يَطْلُبُ مُهْلَةً لإِِحْضَارِ بَيِّنَتِهِ. (١)
مَسْئُولِيَّةُ الْقَاضِي:
٦١ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَسْئُولِيَّةِ الْقَاضِي، هَل يُؤَاخَذُ بِمَا يَقَعُ فِي أَحْكَامِهِ مِنْ أَخْطَاءٍ أَمْ أَنَّهُ لاَ تَجُوزُ مُسَاءَلَتُهُ عَنْ ذَلِكَ بِسَبَبِ كَثْرَةِ مَا يَجْرِي عَلَى يَدِهِ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ وَالأَْحْكَامِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْقَاضِيَ إِذَا أَخْطَأَ فِي قَضَائِهِ، بِأَنْ ظَهَرَ أَنَّ الشُّهُودَ كَانُوا مَحْدُودِينَ فِي قَذْفٍ، فَالأَْصْل أَنَّهُ لاَ يُؤَاخَذُ بِالضَّمَانِ؛ لأَِنَّهُ بِالْقَضَاءِ لَمْ يَعْمَل لِنَفْسِهِ بَل لِغَيْرِهِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الرَّسُول، فَلاَ تَلْحَقُهُ الْعُهْدَةُ.
ثُمَّ يُنْظَرُ فِي الْمَقْضِيِّ بِهِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ
(١) معين الحكام ص ٣٦، رد المحتار ٥ / ٤٢٣، تبصرة الحكام ١ / ٧٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute