الرُّجُوعُ عَلَى الْمَحْبُوسِ بِالْمَال الْمَدْفُوعِ عَنْهُ لِتَخْلِيصِهِ:
١١٦ - ذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ مَنْ حَبَسَهُ السُّلْطَانُ فَدَفَعَ عَنْهُ قَرِيبُهُ مَا خَلَّصَهُ بِهِ مِنَ الْحَبْسِ ثُمَّ سَكَتَ وَلَمْ يُطَالِبْهُ بِالْمَدْفُوعِ حَتَّى مَاتَ، فَقَامَ وَلَدُهُ يُطَالِبُ بِالْمَدْفُوعِ وَأَنَّهُ سَلَفٌ، وَالْمَحْبُوسُ الْمُفْتَدَى يَدَّعِي أَنَّهُ هِبَةٌ، فَالْحُكْمُ أَنَّ عَلَى مُدَّعِي الْهِبَةِ الْبَيِّنَةَ، وَلاَ حُجَّةَ بِسُكُوتِ الدَّافِعِ عَنْهُ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ دَيْنٌ لَزِمَ فِي ذِمَّتِهِ.
وَذَكَرَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَنَّهُ إِذَا أُكْرِهَ قَرِيبٌ أَوْ صَدِيقٌ وَنَحْوُهُ عَلَى أَدَاءِ مَالٍ عَنْ مَحْبُوسٍ فَدَفَعَهُ مِنْ مَالِهِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمَحْبُوسِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِ؛ لأَِنَّ الإِْكْرَاهَ وَالدَّفْعَ بِسَبَبِهِ، فَلاَ يَذْهَبُ الْمَال هَدْرًا، وَلأَِنَّ النُّفُوسَ وَالأَْمْوَال يَعْتَرِيهَا مِنَ الضَّرَرِ وَالْفَسَادِ مَا لاَ يَنْدَفِعُ إِلاَّ بِأَدَاءِ مَالٍ عَنْهَا. وَلَوْ عَلِمَ الْمُؤَدِّي أَنَّهُ لاَ يَسْتَرِدُّ مَا دَفَعَهُ مِنَ الْمَحْبُوسِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ لَمْ يَفْعَل، وَإِذَا لَمْ يُقَابِل الْمَحْبُوسُ الإِْحْسَانَ بِمِثْلِهِ فَهُوَ ظَالِمٌ، وَالظُّلْمُ حَرَامٌ، وَالأَْصْل فِي هَذَا اعْتِبَارُ الْمَقَاصِدِ وَالنِّيَّاتِ فِي التَّصَرُّفَاتِ (١) .
رَهْنُ الْمُفْلِسِ الْمَحْبُوسِ مَالَهُ:
١١٧ - الأَْصْل عَدَمُ تَمْكِينِ الْمُفْلِسِ الْمَحْبُوسِ مِنَ التَّصَرُّفِ بِمَالِهِ أَوْ رَهْنِهِ، فَإِنْ وَقَعَ تَصَرُّفُهُ لَمْ يَبْطُل
(١) المعيار ٥ / ١٨٤، والمظالم المشتركة لابن تيمية ص ٤٦ - ٤٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute