النَّاسِ الْمُرْتَفِعِينَ عَنْ فِعْلِهَا فِي الْعَادَةِ، أَوْ يَعْجِزُ عَنْ عَمَلِهِ لِكَوْنِهِ لاَ يُحْسِنُهُ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيل فِيهِ، لأَِنَّهُ إِذَا كَانَ مِمَّا لاَ يَعْمَلُهُ الْوَكِيل عَادَةً انْصَرَفَ الإِْذْنُ إِلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنَ الاِسْتِنَابَةِ فِيهِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَعْمَلُهُ بِنَفْسِهِ إِلاَّ أَنَّهُ يَعْجِزُ عَنْ عَمَلِهِ كُلِّهِ لِكَثْرَتِهِ وَانْتِشَارِهِ فَيَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيل فِي عَمَلِهِ أَيْضًا، لأَِنَّ الْوَكَالَةَ اقْتَضَتْ جَوَازَ التَّوْكِيل فَجَازَ التَّوْكِيل فِي فِعْل جَمِيعِهِ كَمَا لَوْ أَذِنَ فِي التَّوْكِيل بِلَفْظِهِ.
وَقَال الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: عِنْدِي أَنَّهُ إِنَّمَا لَهُ التَّوْكِيل فِيمَا زَادَ عَلَى مَا يَتَمَكَّنُ مِنْ عَمَلِهِ بِنَفْسِهِ، لأَِنَّ التَّوْكِيل إِنَّمَا جَازَ لِلْحَاجَةِ فَاخْتَصَّ مَا دَعَتْ إِلَيْهِ الْحَاجَةُ، بِخِلاَفِ وُجُودِ إِذْنِهِ فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا عَدَا هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ وَهُوَ مَا يُمْكِنُهُ عَمَلُهُ بِنَفْسِهِ وَلاَ يَتَرَفَّعُ عَنْهُ، فَهَل يَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيل فِيهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ:
إِحْدَاهُمَا: لاَ يَجُوزُ، نَقَلَهَا ابْنُ مَنْصُورٍ، لأَِنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي التَّوْكِيل وَلاَ تَضَمَّنَهُ إِذْنُهُ فَلَمْ يَجُزْ كَمَا لَوْ نَهَاهُ، وَلأَِنَّهُ اسْتِئْمَانٌ فِيمَا يُمْكِنُهُ النُّهُوضُ فِيهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُوَلِّيَهُ لِمَنْ لَمْ يَأْمَنْهُ عَلَيْهِ كَالْوَدِيعَةِ.
وَالأُْخْرَى: يَجُوزُ، نَقَلَهَا حَنْبَلٌ. (١)
(١) المغني ٥ / ٢١٥ ـ ٢١٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute