بَيْعُ الْمُخَدِّرَاتِ وَضَمَانُ إِتْلاَفِهَا:
١٣ - لَمَّا كَانَتِ الْمُخَدِّرَاتُ طَاهِرَةً - كَمَا سَبَقَ تَفْصِيل ذَلِكَ - وَأَنَّهَا قَدْ تَنْفَعُ فِي التَّدَاوِي بِهَا جَازَ بَيْعُهَا لِلتَّدَاوِي عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَضَمِنَ مُتْلِفُهَا، وَاسْتَثْنَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْحَشِيشَةَ، فَقَالُوا بِحُرْمَةِ بَيْعِهَا كَابْنِ نُجَيْمٍ الْحَنَفِيِّ، وَذَلِكَ لِقِيَامِ الْمَعْصِيَةِ بِذَاتِهَا، وَذَكَرَ ابْنُ الشِّحْنَةِ أَنَّهُ يُعَاقَبُ بَائِعُهَا، وَصَحَّحَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ نَجَاسَتَهَا وَأَنَّهَا كَالْخَمْرِ، وَبَيْعُ الْخَمْرِ لاَ يَصِحُّ فَكَذَا الْحَشِيشَةُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَذَهَبَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ.
أَمَّا إِذَا كَانَ بَيْعُهَا لاَ لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ كَالتَّدَاوِي، فَقَدْ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى تَحْرِيمِ بَيْعِ الْمُخَدِّرَاتِ لِمَنْ يَعْلَمُ أَوْ يَظُنُّ تَنَاوُلَهُ لَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّمِ، وَلاَ يَضْمَنُ مُتْلِفُهَا، خِلاَفًا لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَيِ الإِْسْفَرَايِينِيِّ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلاَمِ ابْنِ عَابِدِينَ فِي حَاشِيَتِهِ أَنَّ الْبَيْعَ مَكْرُوهٌ وَيَضْمَنُ مُتْلِفُهَا. (١)
تَصَرُّفَاتُ مُتَنَاوِل الْمُخَدِّرَاتِ:
١٤ - إِنَّ مُتَنَاوِل الْقَدْرِ الْمُزِيل لِلْعَقْل مِنَ
(١) ابن عابدين ٥ / ٢٩٢، ومواهب الجليل ١ / ٩٠، والمغني ٤ / ١٩٢ مطابع سجل العرب، والإقناع ٣ / ١٥٤ وما بعدها طبع الرياض، والفتاوى الكبرى الفقهية ٤ / ٢٣٤
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute