دَارِ الْكَرَامَةِ، وَطَبْعُهُ لاَ يُطَاوِعُهُ عَلَى تَحْصِيلِهِ، بَل يَمْنَعُهُ عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَضَرَّةِ الْحَاضِرَةِ وَهِيَ الْمَشَقَّةُ، وَلاَ ضَرُورَةَ فِي التَّرْكِ، فَيَحْتَاجُ إِلَى اكْتِسَابِ سَبَبٍ يُخْرِجُهُ عَنْ رُخْصَةِ التَّرْكِ، وَيُلْحِقُهُ بِالْفَرَائِضِ الْمُوَظَّفَةِ وَذَلِكَ يَحْصُل بِالنَّذْرِ لأَِنَّ الْوُجُوبَ يَحْمِلُهُ عَلَى التَّحْصِيل خَوْفًا مِنْ مَضَرَّةِ التَّرْكِ، فَيَحْصُل مَقْصُودُهُ (١) .
الاِتِّجَاهُ الثَّانِي: يَرَى أَنَّ النَّذْرَ مَكْرُوهٌ، وَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الْجُمْلَةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، عَلَى تَفْصِيلٍ عِنْدَ بَعْضِهِمْ فِي نَوْعِ النَّذْرِ الَّذِي يُوصَفُ بِذَلِكَ.
إِلَى هَذَا ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي النَّذْرِ الْمُكَرَّرِ، وَهُوَ الَّذِي يَتَكَرَّرُ عَلَى النَّاذِرِ فِعْلُهُ كَصَوْمِ كُل خَمِيسٍ، فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لأَِنَّهُ يَتَكَرَّرُ عَلَى النَّاذِرِ فِي أَوْقَاتٍ قَدْ يَثْقُل عَلَيْهِ فِعْلُهُ فِيهَا، فَيَفْعَلُهُ بِالتَّكْلِيفِ مِنْ غَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ وَخَالِصِ نِيَّةٍ.
وَهُوَ قَوْل الْبَاجِيِّ وَابْنِ شَاسٍ فِي النَّذْرِ الْمُعَلَّقِ، لأَِنَّهُ لَمْ تَتَمَحَّضْ فِيهِ نِيَّةُ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، بَل سَلَكَ النَّاذِرُ فِيهِ سَبِيل الْمُعَاوَضَاتِ وَأَبَاحَهُ ابْنُ رُشْدٍ.
وَقَال الْقُرْطُبِيُّ الْمَالِكِيُّ: إِنَّ النَّذْرَ مُحَرَّمٌ فِي حَقِّ مَنْ يُخَافُ عَلَيْهِ اعْتِقَادُ أَنَّ النَّذْرَ يُوجِبُ
(١) بَدَائِع الصَّنَائِع ٦ / ٢٨٨٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute