وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ: هُوَ أَنَّ الْفُضُولِيَّ فِي الثَّانِيَةِ قَدْ أَضَافَ الصُّلْحَ إِلَى مَالِهِ الَّذِي نَسَبَهُ إِلَى نَفْسِهِ، أَمَّا فِي الثَّالِثَةِ فَبَدَل الصُّلْحِ مَعَ كَوْنِهِ مَالَهُ إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَنْسُبْهُ إِلَى نَفْسِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ.
الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: إِذَا أَطْلَقَ بِقَوْلِهِ: صَالَحْتُ عَلَى كَذَا، وَلَمْ يَكُنْ ضَامِنًا وَلاَ مُضِيفًا إِلَى مَالِهِ وَلاَ مُشِيرًا إِلَى شَيْءٍ، وَسَلَّمَ الْمَبْلَغَ فَيَصِحُّ الصُّلْحُ؛ لأَِنَّ تَسْلِيمَ بَدَل الصُّلْحِ يُوجِبُ بَقَاءَ الْبَدَل الْمَذْكُورِ سَالِمًا لِلْمُدَّعِي، وَيَسْتَلْزِمُ حُصُول الْمَقْصُودِ بِتَمَامِ الْعَقْدِ، فَصَارَ فَوْقَ الضَّمَانِ وَالإِْضَافَةِ إِلَى نَفْسِهِ.
وَعَلَى ذَلِكَ: إِذَا حَصَل لِلْمُدَّعِي عِوَضٌ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ وَتَمَّ رِضَاؤُهُ بِهِ بَرِئَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلاَ شَيْءَ لِلْفُضُولِيِّ الْمُصَالِحِ مِنَ الْمُصَالَحِ عَنْهُ.
وَيُسْتَفَادُ مِنْ حَصْرِ لُزُومِ التَّسْلِيمِ فِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ أَنَّ تَسْلِيمَ بَدَل الصُّلْحِ فِي الصُّورَتَيْنِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لَيْسَ شَرْطًا لِصِحَّةِ الصُّلْحِ، فَيَصِحُّ فِيهِمَا وَلَوْ لَمْ يَحْصُل التَّسْلِيمُ، وَيُجْبَرُ الْفُضُولِيُّ عَلَى التَّسْلِيمِ.
هَذَا وَحَيْثُ صَحَّ الصُّلْحُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الأَْرْبَعِ، فَإِنَّ الْفُضُولِيَّ الْمُصَالِحَ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِالْبَدَل؛ لأَِنَّهُ أَجْرَى هَذَا الْعَقْدَ بِلاَ أَمْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute