رَأْيِ غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ، كَمَا فَعَل فِي تَلْقِيحِ النَّخْل، وَالنُّزُول بِبَدْرٍ، وَمُصَالَحَةِ أَهْل الأَْحْزَابِ.
وَكَذَلِكَ فَعَل النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَرْسَل أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِنَعْلَيْهِ وَقَال لَهُ: مَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَقَال لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لاَ تَفْعَل فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَّكِل النَّاسُ عَلَيْهَا، فَخَلِّهِمْ يَعْمَلُونَ. فَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَخَلِّهِمْ (١) .
د - تَغَيُّرُ اجْتِهَادِ الْقَاضِي:
١٠ - مِنْ أَسْبَابِ الرُّجُوعِ أَيْضًا تَغَيُّرُ الاِجْتِهَادِ، فَالْمُجْتَهِدُ الَّذِي يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُهُ إِلَى رَأْيٍ يُخَالِفُ رَأْيَهُ الأَْوَّل يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ عَنِ اجْتِهَادِهِ الأَْوَّل وَالْعَمَل بِمَا تَغَيَّرَ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ، وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ كِتَابُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى أَبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ وَقَدْ جَاءَ فِيهِ: وَلاَ يَمْنَعَنَّكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَ بِهِ الْيَوْمَ فَرَاجَعْتَ فِيهِ رَأْيَكَ وَهُدِيتَ فِيهِ لِرُشْدِكَ أَنْ تُرَاجِعَ فِيهِ الْحَقَّ، فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ وَلاَ يُبْطِلُهُ شَيْءٌ، وَمُرَاجَعَةُ الْحَقِّ خَيْرٌ مِنَ التَّمَادِي فِي الْبَاطِل.
قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: يُرِيدُ أَنَّكَ إِذَا اجْتَهَدْتَ فِي حُكُومَةٍ ثُمَّ وَقَعَتْ لَكَ مَرَّةً أُخْرَى فَلاَ يَمْنَعُكَ
(١) حديث: " من لقيت وراء هذا الحائط يشهد. . . " أخرجه مسلم (١ / ٦٠ - ط الحلبي) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute