الْقَوْل الأَْوَّل: لِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَنَّ مَا الْتَزَمَ بِهِ الْمُؤَجِّرُ لاَ يَبْطُل بِمَوْتِهِ، لأَِنَّ الإِْجَارَةَ لاَ تَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ، بَل تَبْقَى عَلَى حَالِهَا، لأَِنَّهَا عَقْدٌ لاَزِمٌ فَلاَ يَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْعَاقِدِ مَعَ سَلاَمَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَلِذَلِك تَبْقَى الْعَيْنُ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهَا مَا تَبَقَّى لَهُ مِنَ الْمَنْفَعَةِ، وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ الْمُؤَجِّرِ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِهَا، وَهُوَ قَوْل إِسْحَاقَ وَالْبَتِّيِّ وَأبِي ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ (١) .
وَأَمَّا مَا الْتَزَمَ بِهِ الأَْجِيرُ مِنَ الْعَمَل: فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُرْتَبَطًا بِعَيْنِهِ وَذَاتِهِ، كَمَا إِذَا قَال لَهُ: اسْتَأْجَرْتُكَ أَوِ اكْتَرَيْتُكَ لِتَعْمَل كَذَا أَوْ لِكَذَا أَوْ لِعَمَل كَذَا، أَوْ يَكُونُ مُرْتَبِطًا بِذِمَّةِ الأَْجِيرِ، كَمَا إِذَا اسْتَأْجَرَهُ لأَِدَاءِ عَمَلٍ مُعَيَّنٍ يَلْزَمُ ذِمَّتَهُ، مِثْل أَنْ يُلْزِمَهُ حَمْل كَذَا إِلَى مَكَانِ كَذَا أَوْ خِيَاطَةِ كَذَا دُونَ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ مُبَاشَرَتَهُ بِنَفْسِهِ، وَذَلِكَ مَا يُسَمَّى فِي الاِصْطِلاَحِ الْفِقْهِيِّ بِإِجَارَةِ الذِّمَّةِ.
فَإِنْ كَانَ الاِلْتِزَامُ مُرْتَبِطًا بِعَيْنِ الأَْجِيرِ وَذَاتِهِ،
(١) الأم ٣ / ٢٥٥ - ٢٥٦، والقليوبي وعميرة ٣ / ٨٤، ونهاية المحتاج ٥ / ٣١٣، ٣١٤، وبداية المجتهد ٢ / ٢٩٢، والمغني ٨ / ٤٣ - ٤٤، وكشاف القناع ٤ / ٢٩ - ٣١، ٣٤، والبهجة ٢ / ١٧٨، ١٨١، وأسنى المطالب ٢ / ٤٣١ - ٤٣٢، وحاشية الدسوقي ٤ / ٢٧، ٢٨، والخرشي ٧ / ٣٠.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute