للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دُعَاءَ الْمُؤْمِنِينَ.

وَمَوْضِعُ الدَّلاَلَةِ مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِل عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} وَمِنْ تِلْكَ التَّكَالِيفِ الثَّقِيلَةِ الَّتِي شَدَّدَ بِهَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل: أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَتَوْا بِخَطِيئَةٍ حُرِّمَ عَلَيْهِمْ مِنَ الطَّعَامِ بَعْضُ مَا كَانَ حَلاَلاً لَهُمْ قَال تَعَالَى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} (١) .

الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ:

٢٣ - الْمَشَقَّةُ الَّتِي تُطَاقُ وَيُمْكِنُ احْتِمَالُهَا لَكِنْ فِيهَا شِدَّةٌ بِحَيْثُ تُشَوِّشُ عَلَى النُّفُوسِ فِي تَصَرُّفِهَا، وَتُقْلِقُهَا فِي الْقِيَامِ بِمَا فِيهِ تِلْكَ الْمَشَقَّةُ.

وَيَكُونُ الإِْنْسَانُ مَعَهَا فِي ضِيقٍ وَحَرَجٍ، فَلاَ يَشْعُرُ بِالرَّاحَةِ لِخُرُوجِ الْمَشَقَّةِ عَنِ الْمُعْتَادِ فِي الأَْعْمَال الْعَادِيَّةِ.

وَهَذَا النَّوْعُ قَدْ يَكُونُ فِي الأَْصْل مِنَ الدَّرَجَةِ الرَّابِعَةِ؛ لأَِنَّهُ إِذَا فُعِل مَرَّةً وَاحِدَةً لَمْ يَحْصُل مِنْهُ لِلإِْنْسَانِ الضِّيقُ وَالْحَرَجُ، وَلَكِنْ إِذَا تَكَرَّرَ وَدَامَ جَاءَ الْحَرَجُ بِسَبَبِ الدَّوَامِ عَلَيْهِ. قَال الشَّاطِبِيُّ: وَيُوجَدُ هَذَا فِي النَّوَافِل وَحْدَهَا إِذَا تَحَمَّل الإِْنْسَانُ مِنْهَا فَوْقَ مَا يَحْتَمِلُهُ عَلَى وَجْهٍ مَا، إِلاَّ أَنَّهُ فِي الدَّوَامِ يُتْعِبُهُ حَتَّى يَحْصُل لِلنَّفْسِ بِسَبَبِهِ مَا يَحْصُل لَهَا بِالْعَمَل مَرَّةً وَاحِدَةً فِي غَيْرِهِ قَال: وَهَذَا هُوَ


(١) سورة النساء / ١٦٠.