مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلاَّ دَخَل الْجَنَّةَ (١) .
اخْتِلاَفُ الأَْوْرَادِ بِاخْتِلاَفِ الأَْحْوَال:
١٤ - إِنَّ السَّالِكَ لِطَرِيقِ الآْخِرَةِ لاَ يَخْلُو مِنْ سِتَّةِ أَحْوَالٍ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَابِدًا، أَوْ عَالِمًا، أَوْ مُتَعَلِّمًا، أَوْ وَالِيًا، أَوْ مُحْتَرِفًا، أَوْ مُسْتَغْرِقًا بِمَحَبَّةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَل مَشْغُولاً بِهِ عَنْ غَيْرِهِ.
الأَْوَّل ـ الْعَابِدُ:
١٥ - الْعَابِدُ هُوَ الْمُنْقَطِعُ عَنِ الأَْشْغَال كُلِّهَا إِلَى التَّعَبُّدِ، فَهَذَا يَسْتَعْمِل مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ مِنْ أَوْرَادِ النَّهَارِ وَاللَّيْل، وَقَدْ تَخْتَلِفُ وَظَائِفُهُ، فَقَدْ كَانَتْ أَحْوَال الْمُتَعَبِّدِينَ مِنَ السَّلَفِ مُخْتَلِفَةً، فَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَغْلِبُ عَلَى حَالِهِ التِّلاَوَةُ حَتَّى يَخْتِمَ فِي يَوْمٍ خَتْمَةً أَوْ خَتْمَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، وَكَانَ فِيهِمْ مَنْ يُكْثِرُ التَّسْبِيحَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُكْثِرُ الصَّلاَةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُكْثِرُ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ.
وَأَفْضَل الأَْوْرَادِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الشَّخْصِ، وَمَقْصُودُ الأَْوْرَادِ تَزْكِيَةُ الْقَلْبِ وَتَطْهِيرُهُ، فَلْيَنْظُرِ الْمَرْءُ مَا يَرَاهُ أَشَدَّ تَأْثِيرًا فِيهِ فَلْيُوَاظِبْ عَلَيْهِ، فَإِذَا أَحَسَّ بِمَلَلٍ انْتَقَل عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ.
(١) حديث: " ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة " أخرجه مسلم (٢ / ٧١٣) من حديث أبي هريرة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute