وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةِ لِرَجُلٍ تَجَرَّدَ لِلْعِبَادَةِ السُّكْنَى بِالْمَسْجِدِ وَذَلِكَ مَا لَمْ يَحْجُرْ فِيهِ وَيُضَيِّقْ عَلَى الْمُصَلِّينَ وَإِلاَّ مُنِعَ، لأَِنَّ السُّكْنَى فِي الْمَسْجِدِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ التَّجَرُّدِ لِلْعِبَادَةِ مُمْتَنِعَةٌ، لأَِنَّهَا تَغْيِيرٌ لَهُ عَمَّا حُبِّسَ لَهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ، فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا أَوْ يُكْرَهُ وَلَوْ تَجَرَّدَتْ لِلْعِبَادَةِ لأَِنَّهَا قَدْ تَحِيضُ وَقَدْ يَلْتَذُّ بِهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْل الْمَسْجِدِ فَتَنْقَلِبُ الْعِبَادَةُ مَعْصِيَةً حَتَّى وَلَوْ كَانَتْ عَجُوزًا لاَ إِرَبَ لِلرِّجَال فِيهَا، قَال الدُّسُوقِيُّ: لأَِنَّ كُل سَاقِطَةٍ لَهَا لاَقِطَةٌ (١) .
الاِعْتِكَافُ فِي الْمَسْجِدِ
٢٧ - أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ لِلرَّجُل أَنْ يَعْتَكِفَ إِلاَّ فِي الْمَسْجِدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} ، وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْتَكِفْ إِلاَّ فِي الْمَسْجِدِ.
وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهَا كَالرَّجُل لاَ يَصِحُّ أَنْ تَعْتَكِفَ إِلاَّ فِي الْمَسْجِدِ، مَا عَدَا الْحَنَفِيَّةَ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّهَا تَعْتَكِفُ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا لأَِنَّهُ هُوَ مَوْضِعُ صَلاَتِهَا، وَلَوِ اعْتَكَفَتْ فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِيَّةِ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (اعْتِكَافٌ ف ١٤ وَمَا بَعْدَهَا) .
(١) الشرح الكبير ٤ / ٧٠، وجواهر الإكليل ٢ / ٢٠٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute