فَوَجَبَ اشْتِرَاطُهُ لِصِحَّتِهَا. وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَإِنَّ صِحَّةَ الشَّهَادَةِ مَرْهُونَةٌ بِمُطَابِقَتِهَا لِلدَّعْوَى، فَإِنْ كَانَتِ الدَّعْوَى مَجْهُولَةَ الْمُدَّعَى بِهِ لَمْ تَصِحَّ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا، لأَِنَّهَا لاَ تَصِحُّ عَلَى الْمَجْهُول، فَتَكُونُ الدَّعْوَى مَرْفُوضَةً لِعَدَمِ إِمْكَانِ إِثْبَاتِهَا. (١)
حُدُودُ هَذَا الشَّرْطِ:
٤٧ - لِلْمُدَّعَى بِهِ جَوَانِبُ مُتَعَدِّدَةٌ: فَهُنَاكَ ذَاتُ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى، وَهَذَا يَخْتَلِفُ حُدُودُهُ حَسَبَ الأَْحْوَال، فَيُفْصَل فِيهِ بَيْنَ مَا يَكُونُ عَيْنًا وَمَا يَكُونُ دَيْنًا، وَالأَْوَّل يُفْصَل فِيهِ بَيْنَ مَا هُوَ عَقَارٌ وَمَا هُوَ مَنْقُولٌ. كَمَا أَنَّ الدَّعَاوَى الأُْخْرَى الَّتِي يُطْلَبُ بِهَا غَيْرُ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ، كَدَعْوَى النَّسَبِ لَهَا قَوَاعِدُ تَخْتَلِفُ فِي تَحْدِيدِ الْمُدَّعَى بِهِ. وَهُنَاكَ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِ الْمُدَّعَى بِهِ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْوَاقِعَةِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا الْمُدَّعِي فِي اسْتِحْقَاقِ مَا يَدَّعِيهِ، وَهُنَاكَ أَيْضًا شُرُوطُ هَذَا السَّبَبِ، وَقَدْ وَضَعَ بَعْضُ عُلَمَاءِ الشَّافِعِيَّةِ قَاعِدَةً عَامَّةً فِي كَيْفِيَّةِ الْعِلْمِ بِالْمُدَّعَى بِهِ، فَقَالُوا: (إِنَّمَا يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى جَهَالَةٌ تَمْنَعُ مِنِ اسْتِيفَاءِ الْمَحْكُومِ بِهِ، وَتَوْجِيهِ الْمُطَالَبَةِ نَحْوَهُ، حَيْثُ يَكُونُ الْمُدَّعَى بِهِ مَجْهُولاً يَتَرَدَّدُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ هَذَا أَوْ ذَاكَ، أَمَّا إِذَا سَلِمَ الْمُدَّعَى بِهِ مِنْ هَذَا، وَكَانَ
(١) بدائع الصنائع ٦ / ٢٢٢، حاشية الشلبي ٤ / ٢٩٢، نيل المآرب ٢ / ١٤٣
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute