حَقٌّ لِلْمُبْتَاعِ، إِلاَّ أَنْ يَعْرِفَ الشُّهُودُ الإِْكْرَاهَ عَلَى الْبَيْعِ وَالإِْخَافَةَ، فَيَجُوزُ الاِسْتِرْعَاءُ إِذَا انْعَقَدَ قَبْل الْبَيْعِ، وَتَضَمَّنَ الْعَقْدُ شَهَادَةَ مَنْ يَعْرِفُ الإِْخَافَةَ وَالتَّوَقُّعَ الَّذِي ذَكَرَهُ (١) .
وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُكْرَهَ عَلَى الْبَيْعِ لأَِمْرٍ يَتَوَقَّعُهُ أَوْ يَخَافُهُ لاَ يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، بَل لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ حَتَّى بَعْدَ أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ، مَا دَامَ شُهُودُ الاِسْتِرْعَاءِ قَدْ عَرَفُوا الإِْكْرَاهَ عَلَى الْبَيْعِ وَسَبَبَ الإِْخَافَةِ.
أَثَرُ الاِخْتِلاَفِ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي:
١٧ - لَوِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا بَيْعَ التَّلْجِئَةِ، وَأَنْكَرَ الآْخَرُ، فَإِنْ جَاءَ مُدَّعِي التَّلْجِئَةِ بِبَيِّنَةٍ قُبِلَتْ، وَإِلاَّ فَالْقَوْل لِمُدَّعِي الأَْصْل وَهُوَ عَدَمُ التَّلْجِئَةِ بِبَيِّنَةٍ. وَلَوْ قَدَّمَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ مُدَّعِي التَّلْجِئَةِ، لأَِنَّهُ يُثْبِتُ خِلاَفَ الظَّاهِرِ.
وَلَوْ تَبَايَعَا فِي الْعَلاَنِيَةِ، فَإِنِ اعْتَرَفَا بِبِنَائِهِ عَلَى التَّلْجِئَةِ، فَالْبَيْعُ فِي الْعَلاَنِيَةِ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُمَا هَزَلاَ بِهِ، وَإِلاَّ فَالْبَيْعُ لاَزِمٌ.
وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْقَائِلُونَ بِصِحَّةِ بَيْعِ السِّرِّ وَبُطْلاَنِ الْبَيْعِ الْمُعْلَنِ، وَهُمْ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ.
أَمَّا مَنْ ذَهَبَ إِلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ الثَّانِي وَبُطْلاَنِ
(١) التبصرة ٢ / ٥.