حَرْقُ مَا عَجَزَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ نَقْلِهِ مِنْ أَسْلِحَةٍ وَبَهَائِمَ وَغَيْرِهَا:
٣٣ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْحَرْقِ وَالإِْتْلاَفِ، فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ: إِذَا أَرَادَ الإِْمَامُ الْعَوْدَ، وَعَجَزَ عَنْ نَقْل أَسْلِحَةٍ وَأَمْتِعَةٍ وَبَهَائِمَ لِمُسْلِمٍ أَوْ عَدُوٍّ، وَعَنِ الاِنْتِفَاعِ بِهَا، تُحْرَقُ وَمَا لاَ يُحْرَقُ، كَحَدِيدٍ، يُتْلَفُ أَوْ يُدْفَنُ فِي مَكَانٍ خَفِيٍّ لاَ يَقِفُ عَلَيْهِ الْكُفَّارُ، وَذَلِكَ لِئَلاَّ يَنْتَفِعُوا بِهَذِهِ الأَْشْيَاءِ.
أَمَّا الْمَوَاشِي وَالْبَهَائِمُ وَالْحَيَوَانَاتُ فَتُذْبَحُ وَتُحْرَقُ، وَلاَ يَتْرُكُهَا لَهُمْ؛ لأَِنَّ الذَّبْحَ يَجُوزُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، وَلاَ غَرَضَ أَصَحُّ مِنْ كَسْرِ شَوْكَةِ الأَْعْدَاءِ وَتَعْرِيضِهِمْ لِلْهَلَكَةِ وَالْمَوْتِ، ثُمَّ يُحْرَقُ بِالنَّارِ لِتَنْقَطِعَ مَنْفَعَتُهُ عَنِ الْكُفَّارِ، وَصَارَ كَتَخْرِيبِ الْبُنْيَانِ وَالتَّحْرِيقِ لِهَذَا الْغَرَضِ الْمَشْرُوعِ، بِخِلاَفِ التَّحْرِيقِ قَبْل الذَّبْحِ، فَلاَ يَجُوزُ؛ لأَِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ. وَفِيهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا مَا أَخْرَجَ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حِبَّانَ قَال: كُنْتُ عِنْدَ أُمِّ الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَأَخَذْتُ بُرْغُوثًا فَأَلْقَيْتُهُ فِي النَّارِ، فَقَالَتْ: سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُول: قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلاَّ رَبُّ النَّارِ.
وَلِلْمَالِكِيَّةِ تَفْصِيلٌ، قَالُوا: يُجْهَزُ عَلَى الْحَيَوَانِ وُجُوبًا، لِلإِْرَاحَةِ مِنَ التَّعْذِيبِ بِإِزْهَاقِ رُوحِهِ أَوْ قَطْعِ عُرْقُوبِهِ، أَوِ الذَّبْحِ الشَّرْعِيِّ وَيُحْرَقُ الْحَيَوَانُ نَدْبًا بَعْدَ إِتْلاَفِهِ إِنْ كَانَ الأَْعْدَاءُ يَسْتَحِلُّونَ أَكْل الْمَيْتَةِ، وَلَوْ ظَنًّا، لِئَلاَّ يَنْتَفِعُوا بِهِ. فَإِنْ كَانُوا لاَ يَسْتَحِلُّونَ أَكْل الْمَيْتَةِ لَمْ يُطْلَبِ التَّحْرِيقُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا. وَالأَْظْهَرُ فِي الْمَذْهَبِ طَلَبُ تَحْرِيقِهِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ اسْتَحَلُّوا أَكْل الْمَيْتَةِ أَمْ لاَ، لاِحْتِمَال أَكْلِهِمْ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute