وَلاَ سَبَقَ الإِْسْلاَمَ، وَبِهِ فَارَقَ الدَّهْرِيُّ الْمُرْتَدُّ، فَالْمُلْحِدُ أَوْسَعُ فِرَقِ الْكُفْرِ حَدًّا أَيْ هُوَ أَعَمُّ مِنَ الْكُل (١) .
مَا يَتَعَلَّقُ بِالزَّنْدَقَةِ مِنْ أَحْكَامٍ:
الْحُكْمُ بِكُفْرِ مَنْ تَزَنْدَقَ:
٥ - يَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الزَّنْدَقَةَ كُفْرٌ، فَمَنْ كَانَ مُسْلِمًا ثُمَّ تَزَنْدَقَ، بِأَنْ صَارَ يُبْطِنُ الْكُفْرَ وَيُظْهِرُ الإِْسْلاَمَ، أَوْ صَارَ لاَ يَتَدَيَّنُ بِدِينٍ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ كَافِرًا، إِلاَّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي اسْتِتَابَتِهِ وَفِي قَبُول تَوْبَتِهِ وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
يُفَرِّقُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ مَنْ تَابَ قَبْل الاِطِّلاَعِ عَلَيْهِ وَالْعِلْمِ بِزَنْدَقَتِهِ، وَبَيْنَ مَنْ أُخِذَ قَبْل أَنْ يَتُوبَ، فَمَنْ كَانَ زِنْدِيقًا ثُمَّ تَابَ إِلَى اللَّهِ وَرَجَعَ عَنْ زَنْدَقَتِهِ، وَتَقَدَّمَ مُعْلِنًا تَوْبَتَهُ قَبْل أَنْ يُعْرَفَ ذَلِكَ عَنْهُ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ وَلاَ يُقْتَل، وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، فَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ نَقْلاً عَنِ الْخَانِيَّةِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الزِّنْدِيقَ إِنْ أُخِذَ بَعْدَ أَنْ تَابَ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ - وَبِهَذَا قَال أَبُو حَنِيفَةَ - وَالْقَوْل الثَّانِي عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يُقْتَل وَلاَ تُقْبَل تَوْبَتُهُ.
وَإِنِ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْل أَنْ يَتُوبَ وَرُفِعَ إِلَى الْحَاكِمِ فَلاَ تُقْبَل تَوْبَتُهُ وَيُقْتَل، وَطَرِيقُ الْعِلْمِ بِحَالِهِ إِمَّا بِاعْتِرَافِهِ أَوْ بِشَهَادَةِ بَعْضِ النَّاسِ عَلَيْهِ، أَوْ يُسِرُّ هُوَ بِحَالِهِ إِلَى مَنْ أَمِنَ إِلَيْهِ.
(١) حاشية ابن عابدين ٣ / ٢٩٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute