وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّ الْمُوَكِّل إِذَا مَاتَ أَوْ خُلِعَ يَنْعَزِل الْوَكِيل، وَالْخَلِيفَةُ إِذَا مَاتَ أَوْ خَلُعَ لاَ تَنْعَزِل قُضَاتُهُ وَوُلاَتُهُ، وَوَجْهُ الْفَرْقِ: أَنَّ الْوَكِيل يَعْمَل بِوِلاَيَةِ الْمُوَكِّل وَفِي خَالِصِ حَقِّهِ وَقَدْ بَطَلَتْ أَهْلِيَّةُ الْوِلاَيَةِ فَيَنْعَزِل الْوَكِيل، وَالْقَاضِي لاَ يَعْمَل بِوِلاَيَةِ الْخَلِيفَةِ وَفِي حَقِّهِ، بَل بِوِلاَيَةِ الْمُسْلِمِينَ وَفِي حُقُوقِهِمْ، وَإِنَّمَا الْخَلِيفَةُ بِمَنْزِلَةِ الرَّسُول عَنْهُمْ لِهَذَا لَمْ تَلْحَقْهُ الْعُهْدَةُ، وَوِلاَيَةُ الْمُسْلِمِينَ - بَعْدَ مَوْتِ الْخَلِيفَةِ - بَاقِيَةٌ، فَيَبْقَى الْقَاضِي عَلَى وِلاَيَتِهِ.
وَعَلَّل الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ نَائِبًا عَنِ الإِْمَامِ فَلاَ يَنْعَزِل بِمَوْتِهِ؛ وَلأَِنَّ الإِْمَامَ يَسْتَنِيبُ الْقُضَاةَ فِي حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يَنْعَزِلُوا، وَلأَِنَّ الْخُلَفَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلَّوْا حُكَّامًا فِي زَمَنِهِمْ فَلَمْ يَنْعَزِلُوا بِمَوْتِهِمْ؛ وَلأَِنَّ فِي عَزْلِهِ بِمَوْتِ الإِْمَامِ ضَرَرًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ الْبُلْدَانَ تَتَعَطَّل مِنَ الْحُكَّامِ، وَتَقِفُ أَحْكَامُ النَّاسِ، وَفِيهِ ضَرَرٌ عَظِيمٌ (١) .
عَزْل الْقَاضِي:
٦٣ - لاَ يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِي أَنَّ لِوَلِيِّ الأَْمْرِ أَنْ يَعْزِل الْقَاضِيَ إِذَا ظَهَرَ مِنْهُ خَلَلٌ كَفِسْقٍ أَوْ مَرَضٍ يَمْنَعُهُ مِنَ الْقَضَاءِ، أَوِ اخْتَل فِيهِ بَعْضُ
(١) بدائع الصنائع ٧ / ١٦، وروضة القضاة ١ / ٣٢، وحاشية الدسوقي ٤ / ١٣٣، ١٣٤، ومغني المحتاج ٤ / ٣٨٣، والمغني ٩ / ١٠٣، وكشاف القناع ٦ / ٢٥٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute