أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَيَشْتَرِطُونَ كَوْنَ الْقَاضِي بَالِغًا عَاقِلاً ذَكَرًا حُرًّا مُسْلِمًا عَدْلاً سَمِيعًا بَصِيرًا مُتَكَلِّمًا مُجْتَهِدًا، وَلاَ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ كَاتِبًا لأَِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أُمِّيًّا وَهُوَ سَيِّدُ الْحُكَّامِ.
وَشُرُوطُ الْقَضَاءِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ تُعْتَبَرُ حَسَبَ الإِْمْكَانِ، وَيَجِبُ تَوْلِيَةُ الأَْمْثَل فَالأَْمْثَل، وَعَلَى هَذَا يَدُل كَلاَمُ الإِْمَامِ أَحْمَدَ، فَيُوَلَّى عِنْدَ عَدَمِ الأَْمْثَل أَنْفَعُ الْفَاسِقَيْنِ وَأَقَلُّهُمَا شَرًّا، وَأَعْدَل الْمُقَلِّدَيْنِ وَأَعْرَفُهُمَا بِالتَّقْلِيدِ، وَإِلاَّ لَتَعَطَّلَتِ الأَْحْكَامُ وَاخْتَل النِّظَامُ (١) .
حُكْمُ تَقْلِيدِ الْمَفْضُول:
١٩ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ لَهُ وِلاَيَةُ التَّقْلِيدِ أَنْ يَخْتَارَ لِلْقَضَاءِ أَفْضَل مَنْ يَجِدُ عِلْمًا وَدِينًا وَمَنْ هُوَ أَقْدَرُ وَأَوْلَى لِعِفَّتِهِ وَقُوَّتِهِ؛ لأَِنَّ الإِْمَامَ يَنْظُرُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ اخْتِيَارُ الأَْصْلَحِ لَهُمْ لأَِنَّ الأَْفْضَل أَثْبَتُ وَأَمْكَنُ.
وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ تَعْيِينِ الْمَفْضُول مَعَ وُجُودِ مَنْ هُوَ أَفْضَل مِنْهُ، فَفِي قَوْلٍ لِلْمَالِكِيَّةِ أَنَّ تَوْلِيَةَ الْمُقَلِّدِ مَعَ وُجُودِ الْمُجْتَهِدِ بَاطِلٌ، وَالْقَوْل الآْخَرُ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ وَعَلَيْهِ الْعَمَل فِي زَمَنِ الإِْمَامِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ، وَفِيهِ خِلاَفٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ حَكَاهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ
(١) أدب القضاء للحموي ص ٨٠، شرح منتهى الإرادات ٣ / ٤٦٤، المغني ٩ / ٣٩، الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص ٤٤، كشاف القناع ٦ / ٢٩٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute