جَوْفِهِ بَعْدَ ابْتِلاَعِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لاَ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لأَِنَّهُ اسْتَهْلَكَهُ دَاخِل الْحِرْزِ، فَصَارَ كَأَكْل الطَّعَامِ. أَمَّا إِذَا خَرَجَ الْمَسْرُوقُ مِنْ جَوْفِهِ بَعْدَ ابْتِلاَعِهِ، فَالأَْصَحُّ أَنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ السَّرِقَةِ؛ لأَِنَّ الْمَسْرُوقَ بَاقٍ بِحَالِهِ لَمْ يَفْسُدْ، فَأَشْبَهَ مَا إِذَا أَخْرَجَهُ فِي فِيهِ أَوْ فِي وِعَاءٍ.
وَلَدَى الْحَنَابِلَةِ وَجْهَانِ: أَوَّلُهُمَا: يُعْتَبَرُ الْفِعْل إِتْلاَفًا فِي كُل حَالٍ، فَلاَ قَطْعَ، بَل يَجِبُ الضَّمَانُ، وَالآْخَرُ: يُعْتَبَرُ الْفِعْل إِتْلاَفًا إِذَا لَمْ يَخْرُجِ الْمَسْرُوقُ مِنْ جَوْفِ مَنِ ابْتَلَعَهُ، وَمِنْ ثَمَّ لاَ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَيَعْتَبِرُهُ سَرِقَةً إِذَا خَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ بَعْدَ الاِبْتِلاَعِ، وَكَأَنَّهُ أَخْرَجَهُ فِي جَيْبِهِ، وَمِنْ ثَمَّ يُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ السَّرِقَةِ (١) .
د - الشُّرُوعُ فِي الأَْخْذِ:
٤٨ - يُعْتَبَرُ شُرُوعًا فِي السَّرِقَةِ كُل فِعْلٍ يُمْكِنُ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَى سَرِقَةٍ، وَلَكِنَّ السَّرِقَةَ لَمْ تَكْتَمِل مَعَهُ، وَذَلِكَ كَالْوَسَائِل الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى هَتْكِ الْحِرْزِ، أَوْ أَخْذِ الشَّيْءِ دُونَ عِلْمِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَرِضَاهُ، أَوْ إِخْرَاجِ الشَّيْءِ الْمَسْرُوقِ مِنْ حِرْزِهِ، وَمِنْ حِيَازَةِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ، دُونَ أَنْ يَدْخُل فِي حِيَازَةِ الآْخِذِ، أَوْ إِخْرَاجِ مَا دُونَ النِّصَابِ. أَمَّا إِذَا تَمَّتِ السَّرِقَةُ فَإِنَّ الْحَدَّ يُقَامُ عَلَى السَّارِقِ بِاعْتِبَارِهِ قَدِ ارْتَكَبَ جَرِيمَةً مُوجِبَةً لِلْحَدِّ شَرْعًا، وَذَلِكَ دُونَ نَظَرٍ إِلَى كُل فِعْلٍ بِمُفْرَدِهِ مِنَ الأَْفْعَال الَّتِي كَوَّنَتِ السَّرِقَةَ.
(١) شرح الخرشي ٨ / ٩٧، شرح الزرقاني ٨ / ٩٩، الشرح الكبير للدردير ٤ / ٣٣٨، أسنى المطالب ٤ / ١٨٤، المهذب ٢ / ٢٩٧، مغني المحتاج ٤ / ١٧٣، روضة الطالبين ١٠ / ١٣٦، المغني والشرح الكبير ١٠ / ٢٦١.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute