إِذَا بِيعَ بِعَيْنٍ، عَلَى قَوْلِهِمْ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْبُطْلاَنِ وَالْفَسَادِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ بَيْعِهِ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَبَيْنَ بَيْعِهِ بِعَيْنٍ، أَنَّ الشَّرْعَ أَمَرَ بِإِهَانَةِ الْخِنْزِيرِ وَتَرْكِ إِعْزَازِهِ وَفِي شِرَائِهِ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ إِعْزَازٌ لَهُ، لأَِنَّهَا غَيْرُ مَقْصُودَةٍ فِي الْعَقْدِ لِكَوْنِهَا وَسِيلَةً لِلتَّمَلُّكِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْخِنْزِيرُ، وَلِذَا كَانَ بَيْعُهُ بِهِمَا بَاطِلاً وَيَسْقُطُ التَّقَوُّمُ.
أَمَّا إِذَا بِيعَ بِعَيْنٍ كَالثِّيَابِ، فَقَدْ وُجِدَتْ حَقِيقَةُ الْبَيْعِ لأَِنَّهُ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ، وَالْخِنْزِيرُ يُعْتَبَرُ مَالاً فِي بَعْضِ الأَْحْوَال كَمَا هُوَ عِنْدَ أَهْل الْكِتَابِ، إِلاَّ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُعْتَبَرُ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَمَنًا وَمَبِيعًا. وَرُجِّحَ اعْتِبَارُ الثَّوْبِ مَبِيعًا تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِ الْعُقَلاَءِ الَّذِي يَقْضِي بِأَنْ يَكُونَ الإِْعْزَازُ لِلثَّوْبِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالْعَقْدِ لاَ الْخِنْزِيرُ. فَتَكُونُ تَسْمِيَةُ الْخِنْزِيرِ فِي الْعَقْدِ مُعْتَبَرَةً فِي تَمَلُّكِ الثَّوْبِ لاَ فِي نَفْسِ الْخِنْزِيرِ، فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ لِفَسَادِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَتَجِبُ قِيمَةُ الثَّوْبِ دُونَ الْخِنْزِيرِ (١) .
إِقْرَارُ أَهْل الذِّمَّةِ عَلَى اقْتِنَاءِ الْخِنْزِيرِ:
١١ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ أَهْل الذِّمَّةِ يُقَرُّونَ
(١) حاشية ابن عابدين ٤ / ٣، البحر الرائق ٥ / ٢٧٠، ٢٧٧، ٢٧٩، فتح القدير ٥ / ١٨٦، ١٨٧، ١٨٨، والشرح الصغير ٣ / ٢٢، ٤ / ٧٢٤، مواهب الجليل ٤ / ٢٥٨، ٢٦٣، وروضة الطالبين ٣ / ٣٤٨، حاشية القليوبي وعميرة ٢ / ١٥٨، والمجموع ٩ / ٢٣٠، وكشاف القناع ٣ / ١٥٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute