ج - وَمِنْهَا مَا أَفْتَى بِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ - وَهُمْ مِنْ بَعْدِ سَنَةِ ٤٠٠ هـ - مُوَافَقَةً لِبَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَقَال بِهِ مُتَأَخِّرُو الْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا: أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَنْتَظِمْ بَيْتُ الْمَال يُرَدُّ عَلَى أَهْل الْفَرْضِ غَيْرِ الزَّوْجَيْنِ مَا فَضَل عَنْ إِرْثِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذُو فَرْضٍ يُرَدُّ عَلَى ذَوِي الأَْرْحَامِ.
وَالْحُكْمُ الأَْصْلِيُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، فِي حَال انْتِظَامِ بَيْتِ الْمَال، عَدَمُ الرَّدِّ وَعَدَمُ تَوْرِيثِ ذَوِي الأَْرْحَامِ، بَل تَكُونُ التَّرِكَةُ كُلُّهَا أَوْ فَاضِلُهَا عَنْ ذَوِي الْفُرُوضِ لِبَيْتِ الْمَال، إِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَبَةٌ (١) .
الاِعْتِدَاءُ عَلَى أَمْوَال بَيْتِ الْمَال:
٢٦ - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ شَيْئًا مِنْ أَمْوَال بَيْتِ الْمَال بِغَيْرِ حَقٍّ كَانَ ضَامِنًا لِمَا أَتْلَفَهُ، وَأَنَّ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقٍّ لَزِمَهُ رَدُّهُ، أَوْ رَدُّ مِثْلِهِ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَقِيمَتِهِ إِنْ كَانَ قِيَمِيًّا. وَإِنَّمَا الْخِلاَفُ بَيْنَهُمْ فِي قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ مِنْ بَيْتِ الْمَال، وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ اتِّجَاهَانِ:
أَحَدُهُمَا - وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: أَنَّ السَّارِقَ مِنْ بَيْتِ الْمَال لاَ تُقْطَعُ يَدُهُ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
(١) العذب الفائض ١ / ١٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute