للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا هُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مُتَأَخِّرُو الْحَنَفِيَّةِ. (١)

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنِ اشْتَرَطَ الإِْمَامُ ذَلِكَ الشَّرْطَ فِي جَمِيعِ الأَْحْكَامِ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، سَوَاءٌ قَارَنَ الشَّرْطُ عَقْدَ الْوِلاَيَةِ أَوْ تَقَدَّمَهُ ثُمَّ وَقَعَ الْعَقْدُ، أَمَّا إِذَا كَانَ الشَّرْطُ خَاصًّا فِي حُكْمٍ بِعَيْنِهِ فَلاَ يَخْلُو الشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا أَوْ نَهْيًا، فَإِنْ كَانَ أَمْرًا مِثْل أَنْ يَقُول: وَلَّيْتُكَ عَلَى أَنْ تَقْتَصَّ مِنَ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ، فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ وَالشَّرْطُ، وَإِنْ كَانَ نَهْيًا فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَنْهَاهُ عَنِ الْحُكْمِ فِي قَتْل الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ مَثَلاً، وَلاَ يَقْضِي فِيهِ بِقَوَدٍ وَلاَ بِإِسْقَاطِهِ، فَهُوَ جَائِزٌ لأَِنَّهُ قَصَرَ وِلاَيَتَهُ عَلَى مَا عَدَاهُ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ نَظَرِهِ.

الثَّانِي: أَنْ يَنْهَاهُ عَنِ الْحُكْمِ فِيهِ، وَيَنْهَاهُ عَنِ الْقَضَاءِ فِي الْقِصَاصِ، فَيَصِحَّ الْعَقْدُ، وَيَخْرُجَ الْمُسْتَثْنَى عَنْ وِلاَيَتِهِ فَلاَ يَحْكُمُ فِيهِ بِشَيْءٍ، قَال ابْنُ فَرْحُونَ: وَمِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ يَقُول: تَثْبُتُ وِلاَيَتُهُ عُمُومًا وَيَحْكُمُ فِيهِ بِمَا نَهَاهُ عَنْهُ بِمُقْتَضَى اجْتِهَادِهِ، كُل هَذَا إِذَا كَانَ شَرْطًا فِي الْوِلاَيَةِ، فَأَمَّا لَوْ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الأَْمْرِ وَالنَّهْيِ فَقَال: وَلَّيْتُكَ الْقَضَاءَ عَلَى أَنْ تَحْكُمَ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ فَالْوِلاَيَةُ صَحِيحَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَيَجِبُ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ، سَوَاءٌ وَافَقَ شَرْطَهُ أَوْ خَالَفَهُ، وَأَضَافَ ابْنُ فَرْحُونَ


(١) ابن عابدين ٥ / ٤٠٧، والمادة ١٨١٠ من مجلة الأحكام العدلية.