مُعَاوَضَةٍ كَانَ لَهُ حِصَّةٌ مِنَ الْعِوَضِ، فَخَرَجَ عَنْ مُقْتَضَاهُ، فَبَطَل وَبَطَل مَا قَارَنَهُ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ، وَوَجْهٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْقَرْضُ غَيْرَ مُؤَقَّتٍ فَهُوَ غَيْرُ لاَزِمٍ لِلْمُقْرِضِ، وَالْبَيْعُ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الْعُقُودِ اللاَّزِمَةِ - كَالإِْجَارَةِ وَالنِّكَاحِ - لاَ يَجُوزُ أَنْ يُقَارِنَهَا عَقْدٌ غَيْرُ لاَزِمٍ، لِتَنَافِي حُكْمَيْهِمَا (١) .
٣٣ - وَقَدْ ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ فِي هَذَا الْمَقَامِ مَسْأَلَةً تَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ، وَهِيَ شِرَاءُ الْمُقْتَرِضِ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ مِنَ الْمُقْرِضِ بِثَمَنٍ غَالٍ لِحَاجَتِهِ لِلْقَرْضِ، وَقَالُوا: يَجُوزُ وَيُكْرَهُ، وَقَدْ عَلَّقَ الْعَلاَّمَةُ ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى ذَلِكَ فَقَال: أَيْ يَصِحُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَهَذَا لَوْ وَقَعَ الشِّرَاءُ بَعْدَ الْقَرْضِ، لِمَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ النَّفْعُ مَشْرُوطًا فِي الْقَرْضِ، وَلَكِنِ اشْتَرَى الْمُسْتَقْرِضُ مِنَ الْمُقْرِضِ بَعْدَ الْقَرْضِ مَتَاعًا بِثَمَنٍ غَالٍ.
فَعَلَى قَوْل الْكَرْخِيِّ: لاَ بَأْسَ بِهِ، وَقَال الْخَصَّافُ: مَا أُحِبُّ لَهُ ذَلِكَ، وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ: إِنَّهُ حَرَامٌ؛ لأَِنَّهُ يَقُول لَوْ لَمْ أَكُنِ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ طَالَبَنِي بِالْقَرْضِ فِي الْحَال، وَمُحَمَّدٌ لَمْ يَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا، وَقَال خُوَاهَرْ زَادَهْ: مَا نُقِل عَنِ السَّلَفِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ مَشْرُوطَةً، وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ بِلاَ خِلاَفٍ، وَمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَتْ غَيْرَ مَشْرُوطَةٍ،
(١) المنتقى شرح الموطأ للباجي ٥ / ٢٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute