الْفَوَاتُ كُلُّهُ عَلَى الْقَابِضِ، وَنَصِيبُ الشَّرِيكِ السَّاكِتِ فِي الدَّيْنِ يَظَل كَامِلاً فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ.
أَمَّا إِذَا رَجَعَ الشَّرِيكُ عَلَى الْقَابِضِ بَعْدَ تَوَاءِ حَقِّهِ عِنْدَ الْغَرِيمِ (الْمَدِينِ) فَلَيْسَ لَهُ إِلاَّ مِثْل هَذَا الْحَقِّ فِي ذِمَّةِ الْقَابِضِ، دَيْنًا كَسَائِرِ الدُّيُونِ؛ لأَِنَّهُ كَانَ قَدْ أَسْقَطَ تَعَلُّقَ حَقِّهِ بِعَيْنِ الْمَقْبُوضِ، إِذْ خَلَّى بَيْنَ الْقَابِضِ وَبَيْنَ تَمَلُّكِهِ، وَعَدَل إِلَى مُطَالَبَةِ الْغَرِيمِ (١) .
ثُمَّ بَعْدَ أَنْ يَقْبِضَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ فِي الْمَقْبُوضِ مِنَ الْقَابِضِ، يَكُونُ مَا بَقِيَ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ بَيْنَهُمَا - كُلٌّ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ لَهُ، وَهِيَ نَفْسُ نِسْبَةِ حَقَّيْهِمَا فِي الدَّيْنِ الأَْصْلِيِّ.
هَذَا الْحُكْمُ، أَعْنِي كَوْنَ مَا يَقْبِضُهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنَ الدَّيْنِ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا أَطْلَقَهُ أَبُو حَنِيفَةَ: سَوَاءٌ أَجَّل أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ فِي الدَّيْنِ أَمْ لَمْ يُؤَجِّل؛ لأَِنَّ هَذَا التَّأْجِيل مِنْ أَحَدِهِمَا لَغْوٌ عِنْدَهُ، إِذْ هُوَ يَتَضَمَّنُ الْقِسْمَةَ - بِدَلِيل أَنَّ الْحَال غَيْرُ الْمُؤَجَّل، وَصْفًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَحُكْمًا؛ لاِمْتِنَاعِ الْمُطَالَبَةِ بِالْمُؤَجَّل دُونَ الْحَال.
وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ إِلَى أَنَّ التَّأْجِيل يَمْنَعُ الْمُطَالَبَةَ فَإِنْ أَجَّل أَحَدُهُمَا
(١) الفتاوى الهندية ٢ / ٣٣٧، والأتاسي على المجلة ٤ / ٤٢، وبدائع الصنائع ٦ / ٦٥ - ٦٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute