مِلْكِ صَاحِبِهِ فِي الدَّيْنِ، بِمَا تَرَكَهُ لَهُ مِنْ مِلْكِهِ هُوَ، وَهَذَا مُمْتَنِعٌ؛ لأَِنَّهُ مِنْ قَبِيل بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا أَنَّ لِلشَّرِيكِ السَّاكِتِ (الَّذِي لَمْ يَقْبِضْ) أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَدِينِ؛ فَلأَِنَّ دَيْنَهُ فِي ذِمَّةِ هَذَا الْمَدِينِ، وَلَيْسَتْ لِهَذَا الْمَدِينِ وِلاَيَةُ دَفْعِهِ لِغَيْرِهِ، فَلاَ يَسْقُطُ بِهَذَا الدَّفْعِ (١) .
إِلاَّ أَنَّهُ إِذَا رَجَعَ الشَّرِيكُ عَلَى الْقَابِضِ ابْتِدَاءً، كَانَ عَيْنُ حَقِّهِ فِيمَا قَبَضَهُ؛ لأَِنَّ الدَّيْنَ لاَ يَتَعَيَّنُ إِلاَّ بِالْقَبْضِ: فَلَيْسَ لِلْقَابِضِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْهُ، وَيُعْطِيَهُ مِنْ غَيْرِهِ - سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْبُوضُ مِثْل الدَّيْنِ أَمْ أَجْوَدَ أَمْ أَرْدَأَ؛ لأَِنَّهُ مَا دَامَ الْجِنْسُ وَاحِدًا فَاخْتِلاَفُ الْوَصْفِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ لاَ يُنَافِي أَنَّ الْقَبْضَ عَنِ الدَّيْنِ: وَلِذَا يُجْبَرُ الدَّائِنُ عَلَى قَبُول الأَْجْوَدِ، فَإِذَا فَاتَ الْمَقْبُوضُ عِنْدَ الْقَابِضِ بِسَبَبٍ مَا كَضَيَاعٍ، أَوْ تَلَفٍ، أَوْ دَفَعَهُ لِلْغَيْرِ فِي مُعَاوَضَةٍ، أَوْ ضَمَانٍ، أَوْ تَبَرُّعٍ، فَإِنَّهُ - فِي غَيْرِ حَالَةِ تَلَفِهِ بِيَدِ الْقَابِضِ دُونَ تَعَدٍّ مِنْهُ - يَكُونُ قَدْ فَوَّتَ عَلَى شَرِيكِهِ حِصَّتَهُ فِيهِ، وَمِنْ حَقِّ هَذَا الشَّرِيكِ إِذَنْ أَنْ يُضَمِّنَهُ إِيَّاهَا. وَفِي حَالَةِ عَدَمِ التَّعَدِّي لاَ تَضْمِينَ، وَلَكِنْ يَكُونُ
(١) بدائع الصنائع ٦ / ٦٥، وتبيين الحقائق ٥ / ٤٦، والفتاوى الهندية ٢ / ٣٤٠، ونهاية المحتاج ٥ / ١٤، والخرشي على خليل ٤ / ٤٠٤، ومغني المحتاج ٤ / ٤٢٦، والشرح الكبير مع المغني ٥ / ١٢٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute