الاِجْتِهَادُ الأَْوَّل مِنْ إِعَادَتِهِ، فَإِنَّ الاِجْتِهَادَ قَدْ يَتَغَيَّرُ، وَلاَ يَكُونُ الاِجْتِهَادُ الأَْوَّل مَانِعًا مِنَ الْعَمَل بِالثَّانِي إِذَا ظَهَرَ أَنَّهُ الْحَقُّ، فَإِنَّ الْحَقَّ أَوْلَى بِالإِْيثَارِ؛ لأَِنَّهُ قَدِيمٌ سَابِقٌ عَلَى الْبَاطِل، فَإِنْ كَانَ الاِجْتِهَادُ الأَْوَّل قَدْ سَبَقَ الثَّانِيَ، وَالثَّانِي هُوَ الْحَقُّ فَهُوَ أَسْبَقُ مِنْ الاِجْتِهَادِ الأَْوَّل؛ لأَِنَّهُ قَدِيمٌ سَابِقٌ عَلَى مَا سِوَاهُ، وَلاَ يُبْطِلُهُ وُقُوعُ الاِجْتِهَادِ الأَْوَّل عَلَى خِلاَفِهِ، بَل الرُّجُوعُ إِلَيْهِ أَوْلَى مِنَ التَّمَادِي عَلَى الاِجْتِهَادِ الأَْوَّل. (١)
١١ - عَلَى أَنَّ تَغَيُّرَ الاِجْتِهَادِ وَإِنْ كَانَ يُوجِبُ الرُّجُوعَ إِلَى مَا تَغَيَّرَ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ لَكِنَّ ذَلِكَ لاَ يُبْطِل الاِجْتِهَادَ الأَْوَّل إِذَا صَدَرَ بِهِ حُكْمٌ.
وَهَذَا فِي الْحَوَادِثِ الَّتِي هِيَ مَحَل الاِجْتِهَادِ، قَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الْمُجْتَهِدُ إِذَا قَضَى فِي حَادِثَةٍ بِرَأْيِهِ - وَهِيَ مَحَل الاِجْتِهَادِ - ثُمَّ رُفِعَتْ إِلَيْهِ ثَانِيًا فَتَحَوَّل رَأْيُهُ يَعْمَل بِالرَّأْيِ الثَّانِي، وَلاَ يُوجِبُ هَذَا نَقْضَ الْحُكْمِ بِالرَّأْيِ الأَْوَّل؛ لأَِنَّ الْقَضَاءَ بِالرَّأْيِ الأَْوَّل قَضَاءٌ مُجْمَعٌ عَلَى جَوَازِهِ لاِتِّفَاقِ أَهْل الاِجْتِهَادِ عَلَى أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ فِي مَحَل الاِجْتِهَادِ بِمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ، فَكَانَ هَذَا قَضَاءً مُتَّفَقًا عَلَى صِحَّتِهِ، وَلاَ اتِّفَاقَ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الرَّأْيِ الثَّانِي، فَلاَ يَجُوزُ نَقْضُ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ بِالْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَلِهَذَا لاَ يَجُوزُ لِقَاضٍ آخَرَ أَنْ يُبْطِل هَذَا الْقَضَاءَ، كَذَا هَذَا. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
(١) إعلام الموقعين ١ / ١١٠، ٢٣٤
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute