للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ومَا عَالِمٌ كعَالمٍ، إِنَّهُم يَتَفَاضَلُوْنَ ويَتبَايَنُوْنَ بَوْنًا بَعِيْدًا، فَقَدْ ظَنَنْتُ أَنَّ عَدُوَّ اللهِ وعَدُوَّ المُسلِمِين إِبْليسُ وجُنُوْدُهُ قَدْ أَعَدُّوا مِنَ الفِتَنِ أَسْبَابًا، انتَظَرُوا بِهَا فَقْدَهُ؛ لأنَّه كَانَ يَقْمَعُ باطِلَهُم، ويُزْهِقُ أَحْزَابَهُم، وكَانَت أَوَّلَ بدعةٍ عَلِمْتُهَا فاشيةٍ من الفِتَنِ المُضِلَّةِ، ومن العَمَايَةِ بعدَ الهُدَى، وقدْ رأَيْتُ قَوْمًا في حَيَاةِ أبي عبدِ الله كانُوا لَزِمُوا البَيْتَ على أَسْبَابٍ من النُّسُكِ، وقلَّةٍ من العِلْمِ، فأكرَمَهُمُ النَاسُ بِبَعْضِ مَا ظَهَرَ لَهُم من حُبِّهم للخَيْرِ، فدَخَلَهُم العُجْبُ مَعَ قِلَّةِ العِلْمِ، فَكَانَ لا يَزَالُ أَحَدُهم يَتَكَلَّمُ بالأمْرِ العَجِيْبِ، فيدفَعُ اللهُ ذلِكَ بقولِ الشَّيخِ -جَزَاهُ الله أَفْضَلَ مَا جَزَى مَنْ تَعَلَّمْنَا مِنْهُ-: ولا يَكُوْنُ من أحدٍ مِنْهُم من ذلِكَ شَيءٌ إِلَّا كَانَ سَبَبَ فَضِيْحَتِهِ، وهَتْكَ مَا مَضَى من سِتْرِهِ، فأَنَا حَافِظٌ من ذلِكَ لأشياءٌ كثيرةٌ، وإِنَّما هذَا من مَكَايدِ إِبليسَ مَعَ جُنُودِهِ، يَقُولُ لأحَدِهِم: أَنْتَ أَنْتَ، ومَنْ مِثْلك؟ فَقُلْ، قَدْ قَالَ غيْرُكَ، ثُمَّ يُلْقِيْ في قَلْبِهِ الشَّيْءَ، وليسَ هُنَاكَ سَعَةٌ في عِلْمٍ، فيُزَيِّنُ عندَهُ أَنْ يَبْتَدِئَهُ ليَشْمَتَ بهِ، وإِنَّ كلَّ مُحْدَثةٍ بِدْعَةٌ، وكلَّ بدْعَةٍ ضَلَالةٌ، (١) وكلَّ ضَلَالَةٍ (١) في النَّارِ.

وقَدْ ظَنَنْتُ أَنَّ آخَرِيْنَ يَلْتَمِسُونَ الشُّهرَةَ، ويُحِبُّونَ أَن يَذْكُرُوا، وقَدْ ذُكِرَ قَبلَهُمْ قومٌ بأَلْوَانٍ مِنَ البِدَعِ فافتُضِحُوا، ولأَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ تَابِعًا في الخَيْرِ خَيْرٌ مَنْ أَنْ يَكُوْنَ رَأَسًا في الشَّرِّ، وقَدْ قَالَ ابنُ مَسْعُوْدٍ: "اتَّبِعُوا، ولا تَبْتَدِعُوا فَقَدْ كُفِيْتُم، كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ" وقَالَ: (٢) "أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُم


(١) ساقط من (ب).
(٢) رواه ابن حبَّان (٢/ ٣١٩)، وأبو نُعيم في الحلية (٨/ ١٧٢)، والحاكم (١/ ٦٢)، قال =