للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أَعْلَمَ (١) هُو، غَيْبٌ من حَيْثُ انْفَرَدَ واستَأْثَرَ، كَمَا أَنَّ البَارِئَ - سُبْحَانَهُ - مَعْلُوْمٌ من حيثُ هو، مَجْهُوْلٌ مَا هو.

واعتَقَدُوا أَنَّ البَارِئَ - سُبْحَانَهُ - اسْتأْثَرَ بِعِلْمِ حَقَائِقِ صِفَتِهِ ومَعَانِيْهَا عَنِ العَالَمِيْنَ، وفَارَقَ بِها سَائِرَ المَوْصُوْفِيْنَ، فَهُمْ بِهَا مُأمِنُوْنَ، وبحقائقها مُوقِنُونَ، وبمعرفة كَيْفِيَّتِهَا جَاهِلُوْنَ، لَا يَجوْزُ عِنْدَهُمْ رَدُّهَا، كَرَدِّ الجَهْمِيَّةِ، ولا حَمْلِهَا على التَّشْبِيْهِ، كَمَا حَمَلَتْهُ المُشَبِّهَةُ الَّذِيْنَ أَثْبَتُوا الكَيْفِيَّةَ، ولا تَأَوَّلُوْهَا عَلَى اللُّغَاتِ والمَجَازَاتِ، كَمَا تأَوَّلَتْهَا الأشْعَرِيَّةُ.

فالحَنْبَلِيَّةُ لا يَقُوْلُوْنَ في أَخْبَارِ الصِّفَاتِ بتَعْطِيْلِ المُعَطِّلِيْنَ، ولا بتَشْبِيْهِ المُشَبِّهِيْنَ، ولا بتَأويلِ (٢) المُتَأَوِّلِيْنَ، مَذْهَبُهُمْ حَقٌّ بينَ بَاطِلَيْنِ، وهُدىً بين ضَلالَتِيْن (٣)، إِثْبَاتُ الأسْمَاءِ والصِّفَاتِ، مَعَ نَفْي التَّشْبِيْهِ والأدَوَاتِ، إِذْ لَا مثلَ للخِالِقِ سُبْحَانَهُ فيُشَبَّهُ (٤)، ولا نَظِيْرَ لَهُ فيُجَنَّسُ مِنْهُ، فَنَقُولُ كَمَا سَمِعْنَا، ونَشْهَدُ بِمَا عَلِمْنَا، مِنْ غَيْرِ تَشْبيْهٍ ولا تَجْنِيْسٍ، عَلَى أَنَّهُ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)(٥).

وفي ردِّ أخبارِ الصِّفَاتِ، تَكْذِيْبِ النَّقَلَةِ إِبْطَالُ شَرَائِع الدِّيْنِ، من قِبَلَ أَنَّ النَّاقِلِيْنَ إِلَيْنَا عِلْمَ الصَّلاةِ والزَّكَاةِ والحَجِّ وسائرِ أَحْكَامِ الشَّرِيْعَةِ هُمْ


(١) في (ط): "أعلم هو".
(٢) في (ط): "تأويل".
(٣) في (جـ): "الضَّلالتين".
(٤) في (ط): "مشبه".
(٥) سورة الشورى.