للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

"أَنَّه لَم يُؤْذِّنْ لأحَدٍ بَعْدَ النَّبيِّ إلَّا يَوْمًا وَاحِدًا" إِذْ أَتَى مَرْجِعهُ من الشَّامِ، ولَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ عَهْدٌ بأَذَانِه حِيْنًا، فَطَلَبَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ وأَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ ، فَأَذَّنَ، فَلَمَّا سَمِعَ أَهلُ المَدِيْنَةَ صَوْتَ بلَالٍ ذَكَرُوا النَّبيِّ ، بَعْدَ طُوْلِ عَهْدِهِم بأَذَانِ (١) بِلَالٍ وصَوْتِهِ: جَدَّدَ (٢) ذَلِكَ في قُلُوْبِهِمْ أَمْرَ النَّبِي ، وشَوَّقَهُمْ أَذَانَهُ إِلَيْهِ، حَتَّى قَالَ بَعْضهُم: بُعِثَ النَّبيُّ ، شَوْقًا مِنْهُم إِلَى رُؤْيَتِهِ، وَلِمَا هَيَّجَهُمْ، بِلَالٌ عَلَيْهِ، بأذَانِهِ وصَوْتهِ، فَرَقُّوا عِنْدَ ذَلِك وبَكَوْا، واشتَدَّ بُكَاؤُهُم عَليه ، حَتَّى خَرَجَ العَوَاتِقُ من بُيُوْتهِنَّ شَوْقًا إِلَى النَّبيِّ ، حِيْنَ سَمِعْنَ صَوْتَ بِلَالٍ وأَذَانَهُ، وذِكْرَ النَّبي ، وَلَمَّا قَالَ بِلَالٌ: "أَشْهَدَ أَنَّ مُحمَّدًا رَسُوْلُ الله" امَتَنَعَ بِلَالٌ من الأذَانَ فَلَم يَقْدِرْ عليه، وقَالَ بَعْضُهُم: سَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، حُبًّا للنَّبيِّ وشَوْقًا إِلَيْهِ، فَرَحِمَ اللهُ بِلَالاً والمُهَاجِرِينَ والأنْصَارَ، وجَعَلَنَا وإِيَّاكُمْ من التَّابِعِيْنَ لَهُمْ بإِحْسَانٍ.

فاتَّقُوا الله (٣) مَعْشَرَ المُسْلِمِيْنَ، وأَحْكِمُوا صَلَاتَكُمْ، والزَمُوا فِيْهَا سُنَّةَ نَبِيِّكُم وأَصْحَابَه وعليهم أجَمَعِيْنَ، فَإِنَّ ذلِكَ هو الوَاجِبُ عَلَيْكم، واللّاَزمُ لَكُمْ. وقَدْ وَعَدَ اللهُ تَعَالَى مَنِ اتَّبَعَهُمْ رِضْوَانَهُ، والخُلُوْدَ في جَنَّتِهِ. قَالَ اللهُ ﷿ (٤): ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ


(١) في (ب): "أذان".
(٢) في (ب): "جد".
(٣) في (ط): "يا معشر".
(٤) سورة التوبة.