للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

السُّجُودِ فَلْيَعْتَدِلْ جَالِسًا، ولْيَثْبُتْ بينَ السَّجْدَتَيْنِ شَيْئًا بِقَدْرِ مَا يَقُوْلُ: "رَبِّ اغْفِرْ لِي" (١) مِنْ غَيْرِ عَجَلَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَهُ النَّاسُ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ الثَّانِيَةَ، ولَا يُبَادِرُ، فَسَاعَةَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ من السَّجْدَةِ الأوْلَى يَعُوْدُ سَاجِدًا، فَيُبَادِرُ النَّاسُ لمُبَادَرَتِهِ، ويَقَعُوْنَ في المُسَابَقَةِ، فَتَذْهَبُ صَلَاتُهُمْ، ويَلْزَمُ الإمَامُ وِزْرُ ذلِكَ وإِثْمَهُ، فإِنَّ النَّاسَ إِذَا عَلِمُوا أَنَّه يَثْبُتُ ثَبَتُوا، ولم يُبَادِرُوا، وقَدْ جَاءَ الحَدِيْثِ: "أَنَّ كُلَّ مُصَلٍّ رَاعٍ ومَسْئُوْلٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ" وَقَدْ قِيْلَ: إِنَّ الإمامَ رَاعٍ لِمَنْ يُصَلِّي بِهِمْ، فَمَا أَوْلَى بالإمَامِ النَّصِيْحَةَ لِمَنْ يُصَلِّي خَلْفَهُ، وأَنْ يَنْهَاهُمْ عن المُسَابَقَةِ في الرُّكُوعْ والسُّجُوْدِ، وأَن لا يَرْكَعُوا ويَسْجُدُوا مَعَ الإمَامِ، بَلْ يَأْمُرَهُمْ بَأَنْ يَكُونَ رُكُوْعُهُم وسُجُوْدُهُمْ ورَفْعُهُمْ وخَفْضُهُمْ بَعْدَهُ، وأَن يُحْسِنَ أَدَبَهُمْ وتَعْلِيْمَهُمْ؛ إِذْ كَانَ رَاعِيًا لَهُم. وكانَ غَدًا مَسْئُولاً عَنْهُم، ومَا أَولَى بالإمَامٍ أَنْ يُحْسِنَ صَلَاتَهُ، ويُتمَّهَا ويُحْكُمَهَا، وتَشْتَدَّ عِنَايَتَهُ بِهَا، إِذْ كَانَ لَهُ مِثْلُ أجْرِ مَنْ يُصَلِّي خَلْفَهُ إِذَا أَحْسَنَ، وعَلَيْهِ مِثلُ وُزْرِهِمْ إِذَا أَسَاءَ.

ومَنَ الحَقِّ الوَاجِبِ علَى المُسْلِمِيْنَ: أَنْ يُقَدِّمُوا خِيَارَهُم، وأَهْلَ الدِّيْنِ والفَضْلِ مِنْهُم، وأَهْلِ العِلْمِ باللهِ تَعَالَى، الَّذِيْنَ يَخَافُوْنَ الله (٢) ويُرَاقِبُوْنَهُ، وقَدْ جَاءَ الحَدِيْثُ: "إِذَا أَمَّ بالقَوْمِ رَجُلٌ، وخَلْفَهُ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ: لَمْ يَزَالُوا في سِفَالِ". وجَاءَ الحَدِيْثُ: "اجْعَلُوا أَمْرَ دِيْنِكُم إلى فُقَهَائِكُمْ، وأَئِمَّتُكُمْ قُرَّاؤُكُم" وإِنَّمَا مَعَنَاهُ: الفُقَهَاءُ والقُرَّاءُ أَهْلُ الدِّين


(١) مكررة في (ب).
(٢) في (ط): "﷿".