وَإِنْ شَرَطَ قَلْبَ حَجِّهِ عُمْرَةً بِالْمَرَضِ أَوْ نَحْوِهِ، جَازَ، كَمَا لَوْ شَرَطَ التَّحَلُّل بِهِ، بَل أَوْلَى، وَلِقَوْل عُمَرَ لأَِبِي أُمَيَّةَ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ: حُجَّ وَاشْتَرِطْ، وَقُل: اللَّهُمَّ الْحَجَّ أَرَدْتُ وَلَهُ عَمَدْتُ، فَإِنْ تَيَسَّرَ، وَإِلاَّ فَعُمْرَةٌ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ. وَلِقَوْل عَائِشَةَ لِعُرْوَةِ: هَل تَسْتَثْنِي إِذَا حَجَجْتَ؟ فَقَال: مَاذَا أَقُول؟ قَالَتْ: قُل: اللَّهُمَّ الْحَجَّ أَرَدْتُ وَلَهُ عَمَدْتُ، فَإِنْ يَسَّرْتَهُ فَهُوَ الْحَجُّ، وَإِنْ حَبَسَنِي حَابِسٌ فَهُوَ عُمْرَةٌ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ.
فَلَهُ فِي ذَلِكَ - أَيْ إِذَا شَرَطَ قَلْبَ حَجِّهِ عُمْرَةً - إِذَا وُجِدَ الْعُذْرُ أَنْ يَقْلِبَ حَجَّهُ عُمْرَةً، وَتُجْزِئُهُ عَنْ عُمْرَةِ الإِْسْلاَمِ. وَالأَْوْجَهُ أَنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْخُرُوجُ إِلَى أَدْنَى الْحِل وَلَوْ بِيَسِيرٍ، إِذْ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لاَ يُغْتَفَرُ فِي الاِبْتِدَاءِ.
وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَنْقَلِبَ حَجُّهُ عُمْرَةً عِنْدَ الْعُذْرِ، فَوُجِدَ الْعُذْرُ، انْقَلَبَ حَجُّهُ عُمْرَةً، وَأَجْزَأَتْهُ عَنْ عُمْرَةِ الإِْسْلاَمِ، بِخِلاَفِ عُمْرَةِ التَّحَلُّل بِالإِْحْصَارِ فَإِنَّهَا لاَ تُجْزِئُ عَنْ عُمْرَةِ الإِْسْلاَمِ؛ لأَِنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَتْ عُمْرَةً، وَإِنَّمَا هِيَ أَعْمَال عُمْرَةٍ.
وَحُكْمُ التَّحَلُّل بِالْمَرَضِ وَنَحْوِهِ حُكْمُ التَّحَلُّل بِالإِْحْصَارِ. وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُفِيدُ الاِشْتِرَاطُ عِنْدَ الإِْحْرَامِ جَوَازَ التَّحَلُّل عَلَى نَحْوِ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، إِلاَّ أَنَّ الْحَنَابِلَةَ تَوَسَّعُوا، فَقَالُوا: يُفِيدُ اشْتِرَاطُ التَّحَلُّل الْمُطْلَقِ شَيْئَيْنِ:
أَحَدَهُمَا: أَنَّهُ إِذَا عَاقَهُ عَائِقٌ مِنْ عَدُوٍّ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ ذَهَابِ نَفَقَةٍ، وَنَحْوِهِ أَنَّ لَهُ التَّحَلُّل. الثَّانِي: أَنَّهُ مَتَى حَل بِذَلِكَ فَلاَ دَمَ عَلَيْهِ وَلاَ صَوْمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute