٥ - أَنْ يَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ، فَيَجُوزُ؛ لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمَّا حَاصَرَ بَنِي قُرَيْظَةَ رَضُوا بِأَنْ يَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ (١) .
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ حُرًّا مُسْلِمًا عَاقِلاً بَالِغًا ذَكَرًا عَدْلاً فَقِيهًا كَمَا يُشْتَرَطُ فِي حَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَعْمَى؛ لأَِنَّ عَدَمَ الْبَصَرِ لاَ يَضُرُّ هُنَا؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ رَأْيُهُ وَمَعْرِفَةُ الْمَصْلَحَةِ، وَلاَ يَضُرُّ عَدَمُ الْبَصَرِ فِيهِ، بِخِلاَفِ الْقَضَاءِ، فَإِنَّهُ لاَ يَسْتَغْنِي عَنِ الْبَصَرِ لِيَعْرِفَ الْمُدَّعِيَ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالشَّاهِدَ مِنَ الْمَشْهُودِ لَهُ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَالْمُقَرَّ لَهُ مِنَ الْمُقِرِّ، وَيُعْتَبَرُ مِنَ الْفِقْهِ هَاهُنَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْحُكْمِ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ وَيُعْتَبَرُ لَهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَلاَ يُعْتَبَرُ فِقْهُهُ فِي جَمِيعِ الأَْحْكَامِ الَّتِي لاَ تَعَلُّقَ لَهَا بِهَذَا. وَلِهَذَا حَكَمَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِجَمِيعِ الأَْحْكَامِ. وَإِذَا حَكَّمُوا رَجُلَيْنِ جَازَ، وَيَكُونُ الْحُكْمُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَإِنْ جَعَلُوا الْحُكْمَ إِلَى رَجُلٍ يُعَيِّنُهُ الإِْمَامُ جَازَ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَخْتَارُ إِلاَّ مَنْ يَصْلُحُ، وَإِنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَوْ جَعَلُوا التَّعْيِينَ إِلَيْهِمْ لَمْ يَجُزْ؛ لأَِنَّهُمْ رُبَّمَا اخْتَارُوا
(١) حديث: " أمر بني قريظة أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ " أخرجه البخاري (٧ / ٤١١ - ط السلفية) من حديث أبي سعيد الخدري.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute