الأَْرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا (١) ، وَالطَّهُورُ اسْمٌ لِلْمُطَهِّرِ فَدَل عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ يَزُول بِالتَّيَمُّمِ، إِلاَّ أَنَّ زَوَالَهُ مُؤَقَّتٌ إِلَى غَايَةِ وُجُودِ الْمَاءِ، فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ يَعُودُ الْحَدَثُ السَّابِقُ، وَلَكِنْ فِي الْمُسْتَقْبَل لاَ فِي الْمَاضِي، فَلَمْ يَظْهَرْ فِي حَقِّ الصَّلاَةِ الْمُؤَدَّاةِ، وَلِهَذَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ قَبْل دُخُول الْوَقْتِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَال الْقَرَافِيُّ: الْحَدَثُ هُوَ الْمَنْعُ الشَّرْعِيُّ مِنَ الصَّلاَةِ، وَهَذَا الْحَدَثُ الَّذِي هُوَ الْمَنْعُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُكَلَّفِ، وَهُوَ بِالتَّيَمُّمِ قَدْ أُبِيحَتْ لَهُ الصَّلاَةُ إِجْمَاعًا وَارْتَفَعَ الْمَنْعُ إِجْمَاعًا؛ لأَِنَّهُ لاَ مَنْعَ مَعَ الإِْبَاحَةِ فَإِنَّهُمَا ضِدَّانِ وَالضِّدَّانِ لاَ يَجْتَمِعَانِ، وَإِذَا كَانَتِ الإِْبَاحَةُ ثَابِتَةً قَطْعًا، وَالْمَنْعُ مُرْتَفِعٌ قَطْعًا كَانَ التَّيَمُّمُ رَافِعًا لِلْحَدَثِ قَطْعًا.
وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - غَيْرِ مَنْ ذُكِرَ - أَنَّ التَّيَمُّمَ لاَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ؛ لأَِنَّهُ بَدَلٌ ضَرُورِيٌّ، أَوْ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ، وَلِمَا رَوَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى ثُمَّ رَأَى رَجُلاً مُعْتَزِلاً لَمْ يُصَل مَعَ الْقَوْمِ فَقَال: يَا فُلاَنُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ الْقَوْمِ؟ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلاَ مَاءَ فَقَال: عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيَكَ، فَلَمَّا
(١) حديث: " جعلت لي الأرض طهورا ومسجدا " أخرجه مسلم (١ / ٣٧١ - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute