عَمَلٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ، وَمَا يَأْخُذُهُ الْعَامِل مِنَ الزَّكَاةِ إِنَّمَا يَأْخُذُهُ عِمَالَةً؛ لأَِنَّ أَصْحَابَ الأَْمْوَال لَوْ حَمَلُوا الزَّكَاةَ إِلَى الإِْمَامِ لاَ يَسْتَحِقُّ الْعَامِل شَيْئًا وَلَوْ هَلَكَ مَا جَمَعَهُ مِنَ الزَّكَاةِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْعَامِل شَيْئًا كَالْمُضَارِبِ إِذَا هَلَكَ مَال الْمُضَارَبَةِ، إِلاَّ أَنَّ فِيهِ شِبْهَ الصَّدَقَةِ بِدَلِيل سُقُوطِ الزَّكَاةِ عَنْ أَرْبَابِ الأَْمْوَال. وَلِذَا لاَ تَحِل لِلْعَامِل الْهَاشِمِيِّ تَنْزِيهًا لَهُ عَنْ تِلْكَ الشُّبْهَةِ بِخِلاَفِ الْغَنِيِّ، لأَِنَّهُ لاَ يُوَازِيهِ فِي الْكَرَامَةِ، كَمَا لاَ تَحِل لِلإِْمَامِ أَوْ الْقَاضِي؛ لأَِنَّ رِزْقَهُمَا فِي بَيْتِ الْمَال (١) .
وَذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْجَابِيَ يَأْخُذُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ وَلاَ تَتَقَيَّدُ تِلْكَ الأُْجْرَةُ بِالثُّمُنِ وَلاَ بِالنِّصْفِ، بَل إِنَّ الزَّكَاةَ تُدْفَعُ كُلُّهَا لَهُ إِنْ لَمْ يَفِ بَعْضُهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْل.
وَذَكَرُوا أَيْضًا أَنَّ الْجُبَاةَ لاَ تُدْفَعُ أُجُورُهُمْ مِنَ الزَّكَاةِ إِلاَّ بِوَصْفِ الْفَقْرِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ أَخَذُوا أُجُورَهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَال مُقَابِل عَمَلِهِمْ، وَمِثْل الْجُبَاةِ فِي هَذَا حُرَّاسُ زَكَاةِ الْفِطْرِ، أَوْ حُرَّاسُ زَكَاةِ الْمَال، وَأَمَّا مَا سِوَى هَؤُلاَءِ مِنَ الْعَامِلِينَ فَإِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ أُجُورَهُمْ مِنَ الزَّكَاةِ بِأَحَدِ وَصْفَيْنِ: الْفَقْرُ، أَوِ الْعَمَل، أَوْ بِهِمَا مَعًا.
إِنْ لَمْ يَفِ أَحَدُهُمَا بِالأُْجْرَةِ، وَلاَ يَأْخُذُ الْجَابِي
(١) الاختيار ١ / ١١٩، وتبيين الحقائق ١ / ٢٩٧، وفتح القدير مع العناية ٢ / ١٦ - ١٧، والفتاوى الهندية ١ / ١٨٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute