ضَرُورَةٍ فَيَصِيرُ بِمَعْنَى الْمُثْلَةِ، وَإِنْ كَانَ لَوْ تَيَمَّمَ بِهِ أَجْزَأَهُ عِنْدَهُمَا؛ لأَِنَّ الطِّينَ مِنْ أَجْزَاءِ الأَْرْضِ، فَإِنْ خَافَ ذَهَابَ الْوَقْتِ تَيَمَّمَ وَصَلَّى عِنْدَهُمَا.
وَيَحُوزُ التَّيَمُّمُ عِنْدَهُمَا بِالْغُبَارِ بِأَنْ ضَرَبَ يَدَهُ عَلَى ثَوْبٍ، أَوْ لِبَدٍ، أَوْ صِفَةِ سَرْجٍ، فَارْتَفَعَ غُبَارٌ، أَوْ كَانَ عَلَى الْحَدِيدِ، أَوْ عَلَى الْحِنْطَةِ، أَوِ الشَّعِيرِ، أَوْ نَحْوِهَا غُبَارٌ، فَتَيَمَّمَ بِهِ أَجْزَأَهُ فِي قَوْلِهِمَا؛ لأَِنَّ الْغُبَارَ وَإِنْ كَانَ لَطِيفًا فَإِنَّهُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الأَْرْضِ فَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ، كَمَا يَجُوزُ بِالْكَثِيفِ بَل أَوْلَى.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كَانَ بِالْجَابِيَةِ (١) فَمُطِرُوا فَلَمْ يَجِدُوا مَاءً يَتَوَضَّئُونَ بِهِ، وَلاَ صَعِيدًا يَتَيَمَّمُونَ بِهِ، فَقَال ابْنُ عُمَرَ: لِيَنْفُضَ كُل وَاحِدٍ مِنْكُمْ ثَوْبَهُ، أَوْ صِفَةَ سَرْجِهِ، وَلْيَتَيَمَّمْ، وَلْيُصَل، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَيَكُونُ إِجْمَاعًا. وَلَوْ كَانَ الْمُسَافِرُ فِي طِينٍ وَرَدْغَةٍ لاَ يَجِدُ مَاءً وَلاَ صَعِيدًا وَلَيْسَ فِي ثَوْبِهِ وَسَرْجِهِ غُبَارٌ لَطَّخَ ثَوْبَهُ أَوْ بَعْضَ جَسَدِهِ بِالطِّينِ فَإِذَا جَفَّ تَيَمَّمَ بِهِ.
أَمَّا مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ الأَْرْضِ فَلاَ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ اتِّفَاقًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. فَكُل مَا يَحْتَرِقُ بِالنَّارِ فَيَصِيرُ رَمَادًا كَالْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ وَنَحْوِهِمَا، أَوْ مَا يَنْطَبِعُ وَيَلِينُ كَالْحَدِيدِ، وَالصُّفْرِ، وَالنُّحَاسِ، وَالزُّجَاجِ وَنَحْوِهَا، فَلَيْسَ مِنْ جِنْسِ
(١) الجابية منطقة في دمشق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute