وَالْمَعْنَوِيُّ: هُوَ نَقْل رُوَاةِ الْخَبَرِ قَضَايَا مُتَعَدِّدَةً بَيْنَهَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ عَلَى جِهَةِ التَّضَمُّنِ أَوِ الاِلْتِزَامِ.
أَوْ هُوَ نَقْل جَمَاعَةٍ يَسْتَحِيل تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ وَقَائِعَ مُخْتَلِفَةً تَشْتَرِكُ فِي أَمْرٍ يَتَوَاتَرُ ذَلِكَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ، كَمَا نُقِل عَنْ شَجَاعَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَرَمِ حَاتِمٍ، وَكَأَحَادِيثِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ.
ثُمَّ إنَّهُ لَمَّا كَانَ الْخَبَرُ الْمُتَوَاتِرُ يُفِيدُ الْعِلْمَ الْقَطْعِيَّ فَلاَ يَنْسَخُهُ إِلاَّ مَا يُفِيدُ الْعِلْمَ الْقَطْعِيَّ مِثْلَهُ. وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ نَسْخِ الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ بِالْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ نَسْخِ الْمُتَوَاتِرِ بِالآْحَادِ، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنَ الأُْصُولِيِّينَ إِلَى مَنْعِهِ؛ وَذَلِكَ لأَِنَّ الْمُتَوَاتِرَ قَطْعِيٌّ وَخَبَرُ الآْحَادِ ظَنِّيٌّ فَلاَ يُبْطِلُهُ؛ لأَِنَّ الشَّيْءَ لاَ يُبْطِل أَقْوَى مِنْهُ، وَنَقَل صَاحِبُ الْبُرْهَانِ الإِْجْمَاعَ عَلَيْهِ، وَنَقَل صَاحِبُ تَيْسِيرِ التَّحْرِيرِ جَوَازَهُ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ.
وَقَال الرَّازِيُّ فِي الْمَحْصُول: هُوَ جَائِزٌ فِي الْعَقْل غَيْرُ وَاقِعٍ فِي السَّمْعِ عِنْدَ الأَْكْثَرِينَ.
وَذَهَبَ الْغَزَالِيُّ إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ عَقْلاً لَوْ تَعَبَّدَ بِهِ، وَوُقُوعُهُ سَمْعًا فِي زَمَانِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ ذَلِكَ مُمْتَنِعٌ بَعْدَ وَفَاتِهِ.
وَذَهَبَ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ إِلَى جَوَازِ نَسْخِ الْمُتَوَاتِرِ بِالْمَشْهُورِ مِنَ الآْحَادِ فَقَطْ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute